فاستخرجوه فجئ به، قال أبو الوضي: فكأني انظر إليه حبشي عليه ثدي قد طبق، إحدى يديه مثل ثدي المرأة، عليها شعرات مثل شعرات تكون على ذنب اليربوع " (1) وقد رواه أبو داود عن محمد بن عبيد بن حساب، عن حماد بن زيد، ثنا جميل بن مرة ثنا أبو الوضي - واسمه عباد بن نسيب - ولكنه اختصره وقال عبد الله بن أحمد أيضا: حدثنا حجاج بن يوسف الشاعر، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن أبي صالح أن أبا الوضي عبادا حدثه أنه قال: كنا عائدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب. فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاثا من حروراء شذ منا ناس كثيرون فذكرنا ذلك لعلي فقال: لا يهولنكم أمرهم فإنهم سيرجعون فذكر الحديث بطوله قال: فحمد الله علي بن أبي طالب وقال: إن خليلي أخبرني أن قائد هؤلاء رجل مخدج اليد على حلمة ثديه شعرات كأنهن ذنب اليربوع، فالتمسوه فلم يجدوه فأتيناه فقلنا: إنا لم نجده، فجعل يقول: اقلبوا ذا، اقلبوا ذا؟ حتى جاء رجل من أهل الكوفة فقال: هو هذا؟ فقال علي: الله أكبر، لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه، فجعل الناس يقولون: هذا مالك، هذا مالك فقال علي: ابن من (2)؟ وقال عبد الله بن أحمد أيضا: حدثني حجاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن أبي صالح أن أبا الوضي عبادا حدثه قال: كنا دين إلى الكوفة مع علي فذكر حديث المخدج قال علي: " فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا، ثم قال علي: أما أن خليلي أخبرني بثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم والثاني له جمع كثير، والثالث فيه ضعف " (3) وهذا السياق فيه غرابة جدا. وقد يمكن أن يكون ذو الثدية من الجن؟ بل هو من الشياطين إما شياطين الانس أو شياطين الجن، إن صح هذا السياق والله تعالى أعلم. والمقصود أن هذه طرق متواترة عن علي إذ قد روي من طرق متعددة عن جماعة متباينة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فأصل القصة محفوظ وإن كان بعض الألفاظ وقع فيها اختلاف بين الرواة ولكن معناها وأصلها الذي تواطأت الروايات عليه صحيح لا يشك فيه عن علي أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن صفة الخوارج وذي الثدية الذي هو علامة عليهم، وقد روي ذلك من طريق جماعة من الصحابة غير علي كما تراها بأسانيدها وألفاظها وبالله المستعان. وقد رواه جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ورافع بن عمرو الغفاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وعلي، وأبو ذر، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
وقد قدمنا حديث علي بطرقه لأنه أحد الخلفاء الأربعة وأحد العشرة وصاحب القصة.