" ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي على ومثلها " ثم قال: " يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه "؟ وثبت في صحيح البخاري عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج بالعباس معه يستسقي به، وقال اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، قال فيسقون (1)، ويقال إن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا إذا مرا بالعباس وهما راكبان ترجلا إكراما له. قال الواقدي وغير واحد: توفي العباس في يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل من رمضان سنة ثنتين وثلاثين، عن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وفضائله ومناقبه كثيرة جدا.
عبد الله بن مسعود ابن غافل بن حبيب بن سمح (2) بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تيم ابن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر الهذلي، أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة، أسلم قديما قبل عمر، وكان سبب إسلامه حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، وهو يرعى غنما فسألاه لبنا فقال: إني مؤتمن، قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عناقا لم ينز عليها الفحل فاعتقلها ثم حلب وشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع " أقلص " فقلص، فقلت علمني من هذا الدعاء فقال: " إنك غلام معلم " (3)، الحديث. وروى محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه:
أن ابن مسعود كان أول من جهر بالقرآن بمكة، بعد النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت، وقريش في أنديتها قرأ سورة الرحمن علم القرآن، فقاموا إليه فضربوه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحمل نعليه وسواكه، وقال له إذنك على أن تسمع سوادي (4) ولهذا كان يقال له صاحب السواك والوساد، وهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وهو الذي قتل أبا جهل بعد ما أثبته ابنا عفراء، وشهد بقية المشاهد، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما " اقرأ علي " فقلت أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال " إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " حسبك " وقال أبو موسى: قدمت أنا وأخي من اليمن وما كنا نظن إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل