فلم يدر من أخذه. وقد روى ابن جرير ها هنا (1) حديثا طويلا في اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب، ثم من فضة، وبعثه عمر بن الخطاب إلى كسرى، ثم دحية إلى قيصر، وأن الخاتم الذي كان في يد النبي صلى الله عليه وسلم ثم في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان ست سنين، ثم إنه وقع في بئر أريس، وقد تقدم بعض هذا في الصحيح. وفي هذه السنة وقع بين معاوية وأبي ذر بالشام، وذلك أن أبا ذر أنكر على معاوية بعض الأمور، وكان ينكر على من يقتني مالا من الأغنياء ويمنع أن يدخر فوق القوت، ويوجب أن يتصدق بالفضل، ويتأول قول الله سبحانه وتعالى * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * [التوبة: 34] فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك فلا يمتنع، فبعث يشكوه إلى عثمان، فكتب عثمان إلى أبي ذر أن يقدم عليه المدينة، فقدمها فلامه عثمان على بعض ما صدر منه، واسترجعه فلم يرجع فأمره بالمقام بالربذة - وهي شرقي المدينة - ويقال إنه سأل عثمان أن يقيم بها وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي " إذا بلغ البناء سلعا فأخرج منها " وقد بلغ البناء سلعا، فأذن له عثمان بالمقام بالربذة وأمره أن يتعاهد المدينة في بعض الأحيان، حتى لا يرتد أعرابيا بعد هجرته، ففعل فلم يزل مقيما بها حتى مات على ما سنذكره رضي الله عنه.
وفي هذه السنة زاد عثمان النداء الثالث يوم الجمعة على الزوراء.
فصل وممن ذكر شيخنا أبو عبد الله الذهبي أنه توفي في هذه السنة - أعني سنة ثلاثين - أبي بن كعب فيما صححه الواقدي.
جبار بن صخر ابن أمية بن خنساء، أبو عبد الرحمن الأنصاري، عقبي بدري، وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر خارصا، وقد توفي عن ستين سنة.
حاطب بن أبي بلتعة (2) ابن عمرو بن عمير اللخمي حليف بني أسد بن عبد العزى، شهد بدرا وما بعدها، وهو الذي كان كتب إلى المشركين يعلمهم بعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة، فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به، ثم بعثه بعد ذلك برسالة إلى المقوقس ملك الإسكندرية.