عيشنا حتى نستوي في الكفاف، ولوددت أنكم علمتم من نفسي مثل الذي وقع فيها لكم، ولست معلمكم إلا بالعمل، إني والله لست بملك فأستعبدكم، ولكني عبد الله عرض علي الأمانة فإن أبيتها ورددتها عليكم واتبعتكم حتى تشبعوا في بيوتكم وترووا سعدت بكم، وإن أنا حملتها واستتبعتكم إلى بيتي شقيت بكم، ففرحت قليلا وحزنت طويلا، فبقيت لا أقال ولا أرد فأستعتب (1).
وقال سيف عن شيوخه قالوا: وكانت العرب من العذيب إلى عدن أبين، يتربصون وقعة القادسية هذه، يرون أن ثبات ملكهم وزواله بها، وقد بعث أهل كل بلدة قاصدا يكشف ما يكون من خبرهم، فلما كان ما كان من الفتح سبقت الجن بالبشارة إلى أقصى البلاد قبل رسل الانس فسمعت امرأة ليلا بصنعاء على رأس جبل وهي تقول:
فحييت عنا عكرم ابنة خالد * وما خير زاد بالقليل المصرد وحييت عني الشمس عند طلوعها * وحييت عني كل تاج مفرد وحيتك عني عصبة نخعية * حسان الوجوه آمنوا بمحمد أقاموا لكسرى يضربون جنوده * بكل رقيق الشفرتين مهند إذا ثوب الداعي أناخوا بكلكل * من الموت مسود الغياطل أجرد (2) قالوا: وسمع أهل اليمامة مجتازا يغني بهذه الأبيات:
وجدنا الأكرمين بني تميم * غداة الروع أكثرهم (3) رجالا هموا ساروا بأرعن مكفهر * إلى لجب يرونهم (4) رعالا بحور للأكاسر من رجال * كأسد الغاب تحسبهم جبالا تركن لهم بقادس عز فخر * وبالخيفين أياما طوالا مقطعة أكفهم وسوق * بمرد حيث قابلت الرجالا (5) قالوا: وسمع ذلك في سائر بلاد العرب، وقد كانت بلاد العراق بكمالها التي فتحها خالد نقضت العهود والذمم والمواثيق التي كانوا أعطوها خالدا، سوى أهل بانقيا وبرسما، وأهل أليس الآخرة ثم عاد الجميع بعد هذه الوقعة التي أوردناها، وادعوا أن الفرس أجبروهم على نقض