ذكره الحافظ ابن عساكر، وملخص ذلك أنه لما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته رقية - وكانت ذات جمال - من ابن عمها عتبة بن أبي لهب، تأسف إذ لم يكن هو تزوجها، فدخل على أهله مهموما فوجد عندهم خالته سعدى بنت كريز - وكانت كاهنة - فقالت له: أبشر وحييت ثلاثا تترا، ثم ثلاثا وثلاثا أخرى، ثم بأخرى كي تتم عشرا، أتاك خير ووقيت شرا، أنكحت والله حصانا زهرا، وأنت بكر ولقيت بكرا، وافيتها بنت عظيم قدرا، بنيت أمرا قد أشاد ذكرا * قال عثمان: فعجبت من أمرها حيث تبشرني بالمرأة قد تزوجت بغيري: فقلت: يا خالة! ما تقولين؟ فقالت: عثمان لك الجمال، ولك اللسان، هذا النبي معه البرهان. أرسله بحقه الديان. وجاءه التنزيل والفرقان، فاتبعه لا تغتالك الأوثان. قال: فقلت إنك لتذكرين أمرا ما وقع ببلدنا. فقالت: محمد بن عبد الله، رسول من عند الله، جاء بتنزيل الله، يدعو به إلى الله، ثم قالت: مصباحه مصباح، ودينه فلاح، وأمره نجاح، وقرنه نطاح، ذلت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الذباح، وسلت الصفاح ومدت الرماح. قال عثمان: فانطلقت مفكرا فلقيني أبو بكر فأخبرته، فقال: ويحك يا عثمان إنك لرجل حازم، ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ قال قلت بلى! والله إنها لكذلك، فقال: والله لقد صدقتك خالتك، هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه؟ فاجتمعنا برسول الله فقال: يا عثمان أجب الله إلى حقه، فإني رسول الله إليك وإلى خلقه قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقال:
أحسن زوج رآه إنسان * رقية وزوجها عثمان فقالت في ذلك سعدى بنت كريز:
هدى الله عثمانا بقولي إلى الهدى * وأرشده والله يهدي إلى الحق فتابع بالرأي السديد محمدا * وكان برأي لا يصد عن الصدق وأنكحه المبعوث بالحق بنته * فكانا كبدر مازج الشمس في الأفق فداؤك يا بن الهاشميين مهجتي * وأنت أمين الله أرسلت للخلق قال: ثم جاء أبو بكر من الغد بعثمان بن مظعون، وبأبي عبيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، فأسلموا وكانوا مع من اجتمع مع رسول الله ثمانية وثلاثون رجلا. وهاجر إلى الحبشة أول الناس ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة، فلما كانت وقعة بدر اشتغل بتمريض ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام بسببها في المدينة، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه منها وأجره فيها، فهو معدود فيمن شهدها.