أجمعت بعد مقالتي أن انظر فأولي رجلا أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق. وأشار إلى علي، فرهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنة فجعل يقطف كل غضة ويانعة فيضمه إليه ويصيره تحته، فعلمت أن الله غالب [على] أمره، فما أردت أن أتحملها حيا وميتا. عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم من أهل الجنة وهم: علي، وعثمان، وعبد الرحمن، وسعد، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله فليختاروا منهم رجلا، فإذا ولوا واليا فأحسنوا موازرته، وأعينوه.
فخرجوا فقال العباس لعلي: لا تدخل معهم. قال: إني أكره الخلاف. قال: إذن تري ما تكره. فلما أصبح عمر دعا عليا، وعثمان، وسعدا، وعبد الرحمن، والزبير فقال لهم: إني نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم، وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنكم راض، وإني لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم، ولكني أخافكم فيما بينكم فيختلف الناس، فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذنها فتشاوروا فيها. ووضع رأسه وقد نزفه الدم.
فدخلوا فتناجوا حتى ارتفعت أصواتهم، فقال عبد الله بن عمر: سبحان الله إن أمير المؤمنين لم يمت بعد. فسمعه عمر فانتبه وقال: [ألا] أعرضوا عن هذا، فإذا مت فتشاوروا ثلاثة أيام، وليصل بالناس صهيب، ولا يأتين اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم، ويحضر عبد الله بن عمر مشيرا ولا شيء له من الأمر، وطلحة شريككم في الأمر فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه أمركم. وإن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فأمضوا أمركم ومن لي بطلحة؟ فقال سعد بن أبي وقاص: أنا لك به ولا يخالف إن شاء الله تعالى. فقال عمر: أرجو أن لا يخالف إن شاء الله، وما أظن يلي إلا أحد هذين الرجلين علي أو عثمان،