فجري الناس على ذلك ما شاء الله الإسلام دينهم والحق فيهم والكتاب إمامهم حتى أصيب هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزغهم الشيطان لينزع بين هذه الأمة ألا إن هذه الأمة لا بد مفترقة كما افترقت الأمم قبلها فنعوذ بالله من شر ما هو كائن.
ثم عاد ثانية وقال إنه لا بد مما هو كائن أن يكون ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي وقد أدركتهم ورأيتهم فالزموا دينكم وأهدوا بهديي فإنه هدي نبيكم واتبعوا سنته واعرضوا عما أشكل عليكم حتى تعرضوه على القرآن فما عرفه القرآن فالزموه وما أنكره فردوه وارضوا بالله ربا وبالإسلام دينا ومحمد نبيا وبالقرآن حكما وإماما.
فلما أراد المسير من الربذة إلى البصرة قام إليه ابن لرفاعة بن رافع فقال يا أمير المؤمنين أي شيء تريد وأين تذهب بنا فقال أما الذي نريد وننوي فالإصلاح إن قبلوا منا وأجابونا إليه قال فإن لم يجيبونا إليه قال ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر قال فإن لم يرضوا قال ندعهم ما تركونا قال فإن لم يتركونا قال امتنعنا منهم قال فنعم إذن وقام الحجاج بن غزية الأنصاري فقال لأرضينك بالفعل كما أرضيتني بالقول وقال:
(دراكها دراكها قبل الفوت * فانفر بنا واسم بنا نحو الصوت) (لا وألت نفسي إن تكرهت الموت) والله لننصرن الله كما سمانا أنصارا! ثم أتاه جماعة من طيئ وهو بالربذة