عذاب معاوية فإنه أرسلني إلى غيرك وإني أخطأت بك ففعل ذلك فقال له أبو ذر يا بني قل له والله ما أصبح عندنا من دنانيرك دينار ولكن أخرنا ثلاثة أيام حتى نجمعها فلما رأى معاوية أن فعله يصدق قوله كتب إلى عثمان أن أبا ذر قد ضيق علي وقد كان كذا وكذا للذي يقوله الفقراء فكتب إليه عثمان أن الفتنة قد أخرجت خطمها وعينيها ولم يبق إلا أن تثب فلا تنكأ القرح وجهز أبا ذر إلي وابعث معه دليلا وزوده وارفق به وكفكف الناس ونفسك ما استطعت. وبعث إليه بابني ذر.
فلما قدم المدينة ورأي المجالس في أصل جبل سلع قال بشر أهل المدينة بغارة شعواء وحرب مذكار. ودخل على عثمان فقال له ما لأهل الشام يشكون ذرب لسانك فأخبره فقال يا أبا ذر على أن أقضي ما علي وأن أدعو الرعية إلى الاجتهاد والاقتصاد وما علي أن أجبرهم على الزهد فقال أبو ذر لا ترضوا من الأغنياء حتى يبذلوا المعروف ويحسنوا إلى الجيران والاخوان ويصلوا القرابات فقال كعب الأحبار وكان حاضرا من أدى الفريضة فقد قضي ما عليه فضربه أبو ذر فشجه وقال له يا بن اليهودية ما أنت وما ها هنا فاستوهب عثمان كعبا فوهبه فقال أبو ذر لعثمان تأذن لي في الخروج من المدينة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بالخروج منها إذا بلغ البناء سلعا. فإذن له فنزل الربذة وبني بها مسجدا وأقطعه عثمان صرمة من الإبل وأعطاه مملوكين وأجري عليه كل يوم عطاء وكذلك على رافع بن خديج وكان قد خرج أيضا عن المدينة لشيء سمعه.
وكان أبو ذر يتعاهد المدينة مخافة أن يعود أعرابيا وأخرج معاوية إليه أهله فخرجوا ومعهم جراب مثقل يد الرجل فقال انظروا إلى هذا الذي يزهد في الدنيا ما عنده فقالت امرأته والله ما هو دينار ولا درهم ولكنها