فإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فأنفذوه علي إذلاله وأيم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة فليحذر كل امرئ منكم أن يكون من صرعاي.
فقام إليه عبد الله بن الأهتم فقال: أشهد أيها الأمير أنك أوتيت الحكمة وفصل الخطاب فقال: كذبت ذاك نبي الله داود فقال الأحنف: قد قلت فأحسنت أيها الأمير والثناء بعد البلاء والحمد بعد العطاء وإنا لن نثني حتى نبتلي فقال زياد: صدقت. فقام إليه أبو بلال مرداس بن أذية وهو من الخوارج وقال: أنبأ الله بغير ما قلت قال الله تعالى: (وإبراهيم الذي وفي ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعي) فأوعدنا الله خيرا مما أوعدتنا يا زياد فقال زياد: إنا لا نجد إلى ما تريد أنت وأصحابك سبيلا حتى تخوض إليها الدماء.
واستعمل زياد علي شرطته عبد الله بن حصن وأجل الناس حتى بلغ الخبر الكوفة وعاد إليه وصول الخبر فكان يؤخر العشاء الآخرة ثم يصلي فيأمر رجلا أن يقرأ سورة البقرة أو مثلها يرتل القرآن فإذا فرغ أهمل بقدر ما يري أن إنسانا يبلغ أقصى البصرة ثم يأمر صاحب شرطته بالخروج فيخرج فلا يري إلا إنسانا إلا قتله فأخذ ذات ليلة أعرابيا فأتي به زيادا فقال: هل سمعت النداء فقال: لا والله قدمت بحلوبة لي وغشيني الليل فاضطررتها إلى موضع وأقمت لأصبح ولا علم لي بما كان من الأمير فقال: أظنك والله صادقا ولكن في قتلك صلاح هذه الأمة ثم أمر به فضربت عنقه.
وكان زياد أول من شدد أمر السلطان وأكد الملك لمعاوية وجرد سيفه وأخذ بالظنة وعاقب علي الشبهة وخافه الناس خوفا شديدا حتى أمن بعضهم بعضا وحتى كان الشيء يسقط من يد الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتى