هؤلاء القوم فنصالحهم فإنهم أوفياء هم أهل دين وإن عدوا يلينا في بلادنا أحب إلينا مملكة من عدو لينا في بلاده ولا دين لهم ولا ندري ما وفاؤهم. فأبن عليهم فقالوا: دع خزائننا نردها إلى بلادنا ومن يلينا لا تخرجها من بلادنا. فأبى فاعتزلوه وقاتلوه فهزموه وأخذوا الخزائن واستولوا عليها وانهزم منهم، ولحق بخاقان، وعبر النهر من بلخ إلى فرغانة، وأقام يزدجرد ببلد الترك فلم يزل مقيما زمن عمر كله إلى أن كفر أهل خراسان زمن عثمان وكان يكاتبهم. ويكاتبونه وسيرد ذكر ذلك في موضعه.
ثم أقبل أهل فارس بعد رحيل يزدجرد على الأحنف فصالحوه ودفعوا إليه تلك الخزائن والأموال وتراجعوا إلى بلدانهم وأموالهم علن أفضل ما كانوا عليه زمن الأكاسرة، واغتبطوا بملك المسلمين، وأصاب الفارس يوم يزدجرد كسهمه يوم القادسية، وسار الأحنف إلى بلخ فنزلها بعد عبور خاقان النهر منها ونزل أهل الكوفة في كورها الأربع، ثم رجع إلى مرو الروذ فنزلها وكتب بفتح خاقان ويزدجرد إلى عمر.
ولما عبر خاقان ويزدجرد النهر لقوا رسول يزدجرد الذي أرسله إلى ملك الصين فأخبرهما أن ملك الصين قال له: صف لي هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم فإني أراك تذكر قلة منهم وكثرة منكم ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل منكم مع كثرتكم إلا بخير عندهم وشر فيكم. فقلت: سلني عما أحببت؟ فقال: أيوفون بالعهد؟ قلت نعم. قال: وما يقولون لكم قبل القتال؟ قال: قلت يدعوننا إلى واحدة من ثلاث إما دينهم فإن أجبنا أجرونا مجراهم، أو الجزية والمنعة، أو المنابذة. قال: فكيف طاعتهم أمراءهم؟ قلت: أطوع قوم وأرشدهم. قال: فما يحلون وما يحرمون؟ فأخبرته.