وأرسل معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام حتى توافوا في دومة الجندل بأذرح وكان عمرو إذا أتاه كتاب من معاوية لا يدري بما جاء فيه ولا يسأله أهل الشام عن شيء وكان أهل العراق يسألون ابن عباس عن كتاب يصله من علي فإن كتمهم ظنوا به الظنون وقالوا أتراه كتب بكذا وكذا فقال لهم ابن عباس أما تعقلون أما ترون رسول معاوية يجيء لا يعلم أحد بما جاء به ولا يسمع لهم صياح وأنتم عندي كل يوم تظنون في الظنون؟
وحضر معهم ابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وابن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن عبد يغوث الزهري وأبو جهم بن حذيفة العدوي والمغيرة بن شعبة.
وكان سعد بن أبي وقاص علي ماء لبني سليم بالبادية فأتاه ابنه عمر فقال له إن أبا موسى وعمرا قد شهدهما نفر من قريش فاحضر معهم فإنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد الشورى ولم تدخل في شيء كرهته هذه الأمة وأنت أحق الناس بالخلافة فلم يفعل وقيل بل حضرهم سعد وندم علي حضوره فأحرم بعمرة من بيت المقدس.
وقال المغيرة بن شعبة لرجال من قريش أترون أحدا يستطيع أن يأتي برأي يعلم به أيجتمع الحكمان أم لا فقالوا لا؟ فقال: إني أعلمه منهما فدخل علي عمرو بن العاص فقال كيف ترانا معشر من اعتزل الحرب فإنا قد شككنا في الأمر الذي استبان لكم فيها فقال له عمرو: أراكم خلف الأبرار وأمام الفجار فانصرف المغيرة إلى أبي موسى فقال له مثل قوله لعمرو فقال له أبو موسى أراكم أثبت الناس رأيا فيكم بقية الناس فعاد المغيرة إلى أصحابه وقال لهم لا يجتمع هذان علي أمر واحد.