جميعا في تلك الفتنة أن لا يقتتلوا حتى يبدأون يطلبون بذلك الحجة وأن لا يقتلوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح ولا يستحلوا سلبا ولا يرزأوا بالبصرة سلاحا ولا ثيابا ولا متاعا. وأقبل كعب بن سور حتى أتي عائشة فقال أدركي فقد أبي القوم ألا القتال لعل الله أن يصلح بك.
فركبت وألبسوا هودجها الأدراع فلما برزت من البيوت وهي على الجمل بحيث يسمع الغوغاء وقفت واقتتل الناس وقاتل الزبير فحمل عليه عمار بن ياسر فجعل يحوزه بالرمح والزبير كاف عنه ويقول أتقتلني يا أبا اليقظان؟ فيقول لا يا أبا عبد الله وإنما كف الزبير عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتل عمارا الفئة الباغية ولولا ذلك لقتله. وبينما عائشة واقفة إذ سمعت ضجة شديدة فقالت ما هذا قالوا ضجة العسكر قالت بخير أو بشر؟ قالوا بشر فما فجأها إلا الهزيمة فمضي الزبير من وجهه إلى وادي السباع وإنما فارق المعركة لأنه قاتل تعذيرا لما ذكر له علي.
وأما طلحة فأتاه سهم غرب فأصابه فشك رجله بصفحة الفرس وهو ينادي إلى إلى عباد الله الصبر الصبر! فقال له القعقاع بن عمرو يا أبا محمد إنك لجريح وإنك عما تريد لعليل فأدخل البيوت فدخل ودمه يسيل وهو يقول اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضي فلما امتلأ خفه دما وثقل قال لغلامه أردفني وأمسكني وأبلغني مكانا أنزل فيه. فدخل البصرة فأنزله في دار خربة فمات فيها. وقيل إنه اجتاز به رجل من أصحاب علي فقال له أنت من أصحاب أمير المؤمنين قال نعم قال أمدد يدك أبايعك له فبايعه فخاف أن يموت وليس في عنقه بيعة ولما قضي دفن في بني سعد وقال لم أر