كذبت قد ولدهم خير من أبي سفيان من خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له وكان فيهم البر والفاجر والأحمق والكيس. فخرج تلك الليلة من عندهم ثم أتاهم القابلة فتحدث عنده طويلا ثم قال أيها القوم ردوا خيرا أو اسكتوا وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم وينفع أهاليكم والمسلمين فاطلبوه. فقال صعصعة: لست بأهل ذلك ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله فقال أليس أول ما ابتدأتم به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعة نبيه وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا قالوا بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي فقال إني آمركم الآن إن كنت فعلت فأتوب إلى الله وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه ولزوم الجماعة وأن توقروا أئمتكم وتدلوهم على أحسن ما قدرتم عليه فقال صعصعة فإنا نأمرك أن تعتزل عملك فإن في المسلمين من هو أحق به منك من كان أبوه أحسن قدما في الإسلام من أبيك وهو أحسن في الإسلام قدما منك فقال والله إن لي في الإسلام قدما ولغيري كان أحسن قدما مني ولكنه ليس في زماني أحد أقوي علي ما أنا فيه مني ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب فلو كان غيري أقوي مني لم تكن عند عمر هوادة لي ولا لغيري ولم أحدث من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي ولو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إلى فاعتزلت عمله فمهلا فإن في ذلك وأشباهه ما يتمنى الشيطان ويأمر ولعمري لو كانت الأمور تقضي على رأيكم وأمانيكم ما استقامت لأهل الإسلام يوما ولا ليلة فعاودوا الخير وقولوه وإن لله لسطوات وإني لخائف عليكم
(١٤٣)