ذكر حجة الوداع خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة لا يذكر الناس إلا الحج، فلما كان بسرف أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي وناس معه، وكان علي بن أبي طالب قد لقيه محرما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: حل كما حل أصحابك فقال: إني قد أهللت بما أهل به رسول الله فبقي على! حرا مه، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي عنه وعن علي. وحج بالناس فأراهم مناسكهم وعلمهم سنن حجهم وخطب خطبته التي بين فيها للناس ما بين، وكان الذي يبالغ عنه بعرفة ربيعة بن أمية بن خلف لكثرة الناس، فقال بعد حمد الله:
أيها الناس: اسمعوا قولي فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا. أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، وكل ربا موضوع لكم رؤوس أموالكم، وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله، وكل دم كان في الجاهلية موضوع، وأول دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعا في بني ليث فقتله بنو هذيل، أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه رضي أن يطاع فيما سوي ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم. أيها الناس (إنما النسيء زيادة في الكفر)، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، و (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا). أبها الناس استوصوا بالنساء خيرا. وهي خطبة طويلة.