إلى قريظة: إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا، فقالت قريظة عند ذلك. إن الذي ذكر نعيم بن مسعود لحق. وخذل الله بينهم.
وبعت الله عليهم ريحا في ليال شاتية شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم اختلاف أمرهم دعا حذيفة بن اليمان ليلا فقال: انطلق إليهم وانظر حالهم ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا. قال حذيفة: فذهبت فدخلت فيهم والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل لا يقر لهم قدر ولا بناء ولا نار، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه. قال: فأخذت بيد الرجل الذي بجانبي فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان. تم قال أبو سفيان: والله لقد هلك الخف والحافر وأخلفتنا قريظة ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل. تم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه تم ضربه فوثب على ثلاث قوائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم [إلي أن] لا أحدث شيئا لقتلته.
قال حذيفة: فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه فأدخلني بين رجليه وطرح على طرف المرط فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش فعادوا راجعين إلى بلادهم، فلما عادوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن نغزوهم ولا يغزونا فكان كذلك حتى فتح الله مكة.