وهم يدعون له فاقتتلوا فظفر النجاشي فما سر المسلمون بشيء سرورهم بظفره.
قيل: إن معنى قوله إن الله لم يأخذ الرشوة مني أن أبا النجاشي لم يكن له ولد غيره وكان له عم قد أولد اثني عشر ولدا فقالت الحبشة لو قتلنا أبا النجاشي وملكناه أخاه فإنه لا ولد له غير ذلك الغلام وكان أخوه وأولاده يتوارثون الملك دهرا فقتلوا أباه وملكوا عمه ومكثوا على ذلك حينا وبقي النجاشي عند عمه وكان عاقلا فغلب على أمر عمه فخافت الحبشة أن يقتلهم جزاء لقتل أبيه فقالوا لعمه إما أن تقتل النجاشي وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فقد خفناه فأجابهم إلى إخراجه من بلادهم على كره منه فخرجوا إلى السوق فباعوه من تاجر بستمائة درهم فسار به التاجر في سفينته فلما جاء العشاء هاجت سحابة فأصابت عمه بصاعقة ففزعت الحبشة إلى أولاده فإذا هم لا خير فيهم فهرج على الحبشة أمرهم فقال بعضهم: والله لا يقيم أمركم إلا النجاشي فإن كان لكم بالحبشة رأى فأدركوه.
فخرجوا في طلبه حتى أدركوه وملكوه وجاء التاجر وقال لهم إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه فقالوا كلمه فقال أيها الملك ابتعت غلاما بستمائة درهم ثم أخذوا الغلام والمال فقال النجاشي: إما أن تعطوه دراهمه وإما أن يضع الغلام يده في يده فليذهبن به حيث شاء فأعطوه دراهمه فهذا معنى قوله. فكان ذلك أول ما علم من عدله ودينه.
قال: ولما مات النجاشي كانوا لا يزالون يرون على قبره نورا.