وكان عند هبل سبعة أقدح، في كل قدح كتاب فقدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوا يضرب به فإن خرج نعم عملوا به وقدح فيه لا فإذا أرادوا أمرا ضربوا به فإذا خرج لا لم يعملوا ذلك الأمر وقدح فيه منكم وقدح فيه ملصق وقدح فيه من غيركم وقدح فيه المياه إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح فحيثما خرج عملوا به؛ وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما أن ينكحوا جارية أو يدفنوا ميتا أو شكوا في نسب أحد منهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور فأعطوه صاحب القداح الذي يضربها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه ثم يقولون لصاحب القداح اضرب فيضرب فإن خرج عليه منكم كان وسيطا وإن خرج عليه من غيركم كان حليفا وإن خرج عليه ملصق كان على منزلته منهم لا نسب له ولا حلف وإن خرج عليه شيء سوى هذا مما يعملون به فإن خرج نعم عملوا به وإن خرج لا أخروه عامهم ذلك حتى أتوه به مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح.
وقال عبد المطلب لصاحب القداح اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر. وكان عبد الله أصغر بني أبيه وأحبهم إليه فلما أخذ صاحب القداح يضرب قام عبد المطلب يدعو الله تعالى ثم ضرب صاحب القداح فخرج قدح على عبد الله فأخذ عبد المطلب بيده ثم أقبل إلى أساف ونائلة وهما الصنمان الذان ينحر الناس عندهما فقامت قريش من أنديتها فقالوا: ما تريد؟ قال: أذبحه، فقالت قريش وبنوه: والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه لئن فعلت هذا لا يزال الرجل منا يأتي بابنه حتى يذبحه. فقال