شيئا، فظهر بين الناس أن السلاح لا يعمل فيه، فكثر جمعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، فكان طليحة يقول: إن جبرائيل يأتيني وسجع للناس الأكاذيب، وكان يأمرهم بترك السجود في الصلاة ويقول: إن الله لا يصنع بتعفر وجوهكم وتقبح أدباركم شيئا. اذكروا الله، اعبدوه قياما إلى غير ذلك، وتبعه كثير من العرب عصبية، فلهذا كان أكثر أتباعه من أسد، وغطفان، وطيئ فسارت فزارة وغطفان إلى جنوب طيبة، وأقامت طيئ على حدود أراضيهم، وأسد بسميراء، واجتمعت عبس وثعلبة بن سعد ومرة بالأبرق من الربذة، واجتمع إليهم ناس من بني كنانة. فلم تحملهم البلاد فافترقوا فرقتين أقامت فرقة بالأبرق وسارت فرقة إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بأخيه حبال فكان عليهم وعلى من معهم من الدئل وليث ومدلج، وأرسلوا إلى المدينة يبذلون الصلاة ويمنعون الزكاة. فقال أبو بكر: والله لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة [مع الصدقة] وردهم، فرجع وفدهم فأخبروهم بقلة من في المدينة، وأطمعوهم فيها، وجعل أبو بكر بعد مسير الوفد على أنقاب المدينة عليا، وطلحة، والزبير، وابن مسعود، وألزم أهل المدينة بحضور المسجد خوف الغارة من العدو لقربهم فما لبثوا إلا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل وخلفوا بعضهم بذي حسي ليكونوا لهم رداءا فوافوا ليلا الأنقاب وعليها المقاتلة فمنعوهم، وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر، [فأرسل إليهم أبو بكر أن الزموا أماكنكم ففعلوا]، فخرج في أهل المسجد على النواضح فردوا العدو واتبعوهم حتى بلغوا ذا حسي، فخرج عليهم الردء بانحاء قد نفخوها و [جعلوا] فيها الحبال ثم دهدهوها على الأرض فنفرت إبل المسلمين، وهم عليها [ولا تنفر من شيء نفارها من الانحاء] ورجعت بهم إلى المدينة ولم يصرع مسلم.
(٣٤٤)