لعمر بن الخطاب: إن أبا بكر خليفة رسول الله [فان أبي] إلا أن نمضي فأبلغه عنا واطلب إليه أن يولي أمرنا [رجلا] أقدم سنا من أسامة.
فخرج عمر بأمر أسامة إلى أبي بكر فأخبره بما قال أسامة، فقال: لو خطفتني الكلاب والذئاب لأنفذته كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أرد قضاء قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يبق في القري غيري لأنفذته. قال عمر: فإن الأنصار تطلب رجلا أقدم سنا من أسامة. فوثب أبو بكر - وكان جالسا - وأخذ بلحية عمر، وقال: ثكلتك أقك يا بن الخطاب! استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أعزله؟
ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم، وأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب، فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله: لتركبن أو لأنزلن. فقال: والله لا نزلت ولا أركب، وما علي أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله! فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له وسبعمائة درجة ترفع له، وسبعمائة سيئة تمحى عنه.
فلما أراد أن يرجع قال لأسامة: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل فأذن له. ثم وصاهم، فقال: لا تخونوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا وتحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيرا [إلا لمأكلة]. وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقا. اندفعوا باسم الله.
وأوصى أسامة أن يفعل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار وأوقع بقبائل من ناس قضاعة التي ارتدت وغنم، وعاد وكانت غيبته