قد حدث أمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه فأعلمه الخبر، فمضيا مسرعين نحوهم، ومعهما أبو عبيدة. قال عمر: فأتيناهم وقد كنت زورت كلاما أقوله لهم، فلما دنوت أقول أسكتني أبو بكر وتكلم بكل ما أردت أن أقول فحمد الله، وقال: إن الله قد بعث فينا رسولا [إلى خلقه] وشهيدا على أمته ليعبدوه ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى من حجر، وخشب فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه [والإيمان به] والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم وتكذيبهم إياه وكل الناس لهم مخالف زأر عليهم فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم، فهو أول فن عبد الله في هذه الأرض وآمن بالله وبالرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده، لا ينازعهم إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم في الاسلام رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته، [وفيكم جلة أزواجه وأصحابه] فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء، وأنتم الوزراء، لا تفاوتون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور.
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولا يصدر [الناس] إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز [والثروة]، وأولو العدد والمنعة، وذوو البأس [والنجدة]، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد عليكم [رأيكم، وينتقض عليكم] أمركم، أبن هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير.
فقال عمر: هيهات لا يجتمع اثنان [في قرن]! والله لا ترضى العرب