إن الكريم تجزي الكريم، فأتى تابت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان للزبير عندي يد أريد أن أجزيه بها فهبه لي فوهبه له، فأتاه فقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك فهو لك، قال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد.
فاستوهب تابت أهله وولده، من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبهم له، فقال: الزبير أهل بيت بالحجاز لا مال لهم، فاستوهب ثابت ماله من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبه له فمن عليه بالجميع.
فقال الزبير: أي تابت ما فعل الذي كان وجهه مرآة صقيلة يتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد؟ قال: قتل، قال: فما فعل سيدا لحاضر والبادي، حي بن أخطب؟ قال: قتل: قال: فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا كررنا عزال بن سموال؟ قال: قتل. قال: فما فعل المجلسان يعني بني كعب بن قريظة، وبني عمرو بن قريظة؟ قال: ذهبوا. قال: فإني م سألك يا تابت بيدي عندك إلا ما ألحقتني بهم، فوالله ما في العيش بعدهم خير فقتله.
ثم افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الصعب - وهو أكثرها طعاما وودكا - تم قصد حصنهم الوطيح والسلالم وكانا اخر ما افتتح حاصرهم رسول الله بضع عشرة ليلة، فخرج منه مرحب اليهودي وقد جمع سلاحه، وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أقبلت تلتهب كان حماي كالحمى لا يقرب