وأرض السودان وبحر الحجاز وبحر الشام وهي البرزخ بين البحرين المذكورين في القرآن: لان من الفر ما التي على ساحل بحر الروم إلى القلزم التي هي ساحل بحر الصين مسيرة ليلة يحمل إليها من جميع الممالك المحيطة بهذين البحرين من أنواع الأمتعة والطرائف * والتحف من الطيب والأفاويه والعقاقير والجوهر والرقيق وغير ذلك من صنوف المآكل والمشارب والملابس، فجميع البلدان تحمل إليها وتفرغ فيها، ونيلها العجيب أمره الشريف قدره، يمد إذا حسرت مياه الأمطار ويحسر إذا مدت، يأتيها في وقت الحاجة إلى منفعته فيبدأ مخضرا ثم محمرا ثم كدرا ثم يتدافع بأمواجه ويترامى بسيوله، فتكون زيادته في اليوم الإصبع والإصبعين وأكثر فإذا تناهى مده يغشى الأرض وصارت القرى كالنجوم فوق الروابي والتلال، والمراكب تجرى بأهلها في حاجاتهم من بعض إلى بعض قد أعدوا قبل ذلك من أقواتهم وعلوفة حيوانهم ما يكفيهم إلى حسوره عنهم وإبان زراعتهم، فدهرها من أربع صفات، فضة بيضاء أو مسكة سوداء أو زبرجدة خضراء أو ذهبة صفراء وذلك أن نيلها يطبقها فتصير كأنها فضة بيضاء، ثم ينضب عنها فتصير مسكة سوداء، ثم تزدرع فيصير زرعها زبرجدة خضراء، ثم يستحصد زرعها ويصفر فتصير ذهبة صفراء وكورها نيف وثمانون كورة ليس منها كورة الا وفيها طريفة أو عجيبة لا تكون في غيرها تنسب إلى تلك الكورة وتعرف بها لكل كورة منها مدينة وقد ورد التنزيل بذلك بقوله عز وجل عند ذكره قصة موسى وفرعون (أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين) لا مدينة منها الا وفيها عجائب البنيان بالصخور والمرمر والبلاط وعمد الرخام التي لا يوجد مثلها في غيرها من البلدان، تؤتى هذه المدن والكور كلها في الماء ويحمل ما يكون بها
(١٩)