هو طولها وعرضها وغلظها سبعة آلاف ميل وستمائة وسبعة وستين ميلا، والميل أربعة آلاف ذراع بالسواء * وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء وقسمة المنازل، والذراع أربع وعشرون أصبعا والإصبع ست شعيرات مضموم بعضها إلى بعض والفرسخ بهذا الميل ثلاثة أميال ومنهم من يجعل الميل ثلاثة آلاف ذراع والفرسخ أربعة أميال وكلاهما يؤولان إلى شئ واحد وفيما ذكرناه من مقدار حصة الدرجة من الأميال تنازع فمنهم من رأى أن ذلك سبعة وثمانون ميلا ومنهم من رأى ذلك ستة وخمسون ميلا وثلثي ميل والعول في ذلك على ما حكيناه عن ابطلميوس والأرض من أربعة جواهر من الرمل والطين والأحجار والأملاح وجوفها أطباق يتخرق فيها الهواء ويجول فيها الماء مواصلا لها كمواصلة الدم للجسد فما غلب عليه الهواء من الماء كان عذبا شروبا وما امتنع الهواء من التمكن منه وغلبت عليه أملاح الأرض وسبخها صار ملحا أجاجا وأن كون مياه العيون والأنهار في الأرضين كالعروق في البدن وأن الحكمة في كون الأرض كرية الشكل، انها لو كانت مسطوحة كلها لا غور فيها ولا نشز يخرقها لم يكن النبات وكانت مياه البحار سائحة على وجهها فلم يكن الزرع ولم يكن لها غدران تفضى مياه السيول إليها، ولا كانت لها عيون تجرى تنبع بالماء أبدا لان مياه العيون لو كانت منها تخرج دائما لفنيت ولصار الماء ابدا غالبا على وجه الأرض فكان يهلك الحيوان ولا يكون زرع ولا نبات فجعل عز وجل منها انجادا ومنها أغوارا ومنها أنشازا ومنها مستوية، واما أنشازها فمنها الجبال الشامخة ومنافعها ظاهرة في قوة تحدر السيول منها فتنتهي إلى الأرضين البعيدة بقوة جريها ولتقبل الثلوج فتحفظها إلى أن تنقطع مياه الأمطار وتذيبها الشمس فيقوم ما يتحلب منها مقام الأمطار ولتكون الآكام والجبال في الأرض حواشر للمياه لتجري من تحتها ومن
(٢٥)