دينار، وترك المكوس قبل موته، وبعث جنودا فتحوا مصر، وكان يميل إلى التواضع وحب العلماء والصلحاء، وكاتبني مرارا، وعزم على فتح بيت المقدس، فتوفي في شوال سنة تسع وستين وخمس مئة.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبد من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أغلافا تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وكان حنفيا يراعي مذهب الشافعي ومالك، وكان ابنه الصالح إسماعيل أحسن أهل زمانه.
وقال ابن خلكان (1): ضربت السكة والخطبة لنور الدين بمصر، وكان زاهدا عابدا، متمسكا بالشرع، مجاهدا، كثير البر والأوقاف، له من المناقب ما يستغرق الوصف، توفي في حادي عشر شوال بقلعة دمشق بالخوانيق، وأشاروا عليه بالفصد، فامتنع، وكان مهيبا فما روجع، وكان أسمر طويلا، حسن الصورة، ليس بوجهه شعر سوى حنكه، وعهد بالملك إلى ابنه وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وقال ابن الأثير (2): كان أسمر، له لحية في حنكه، وكان واسع الجبهة، حسن الصورة، حلو العينين، طالعت السير، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريا منه للعدل، وكان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف إلا من ملك له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة، لقد طلبت زوجته منه، فأعطاها ثلاثة دكاكين، فاستقلتها، فقال: ليس لي إلا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن