نواحي إفريقية، وضايق تونس، ثم حاصرها مدة، وأفسد مياهها، وقطع أشجارها، وبها ابن خراسان نائب صاحب صقلية لوجار (1) بن الدوقة الرومي، فطال على ابن خراسان الحصار، فبرز، والتقى الموحدين، فهزمهم، وقتل خلقا منهم، فبعث عبد الله يستمد أباه، فتهيأ في سنة 553 لتونس، وأقبل في جيوشه حتى نازلها، فأخذها عنوة، وانتقل إلى المهدية وهي للنصارى لكن رعيتها مسلمون، فطال الحصار لحصانتها، يقال: عرض سورها ممر ستة أفراس، وأكثرها في البحر، فكانت النجدات تأتيها من صقلية (2).
قال ابن الأثير (3): نازل عبد المؤمن المهدية، فبرز شجعان الفرنج، فنالوا من عسكره، فأمر ببناء سور عليهم، وصابرها، وأخذ سفاقس وطرابلس وقابس، وجرت أمور وحروب يطول شرحها، وجهز من افتتح توزر وبلاد الجريد، وطرد عنها الفرنج، وطهر إفريقية من الفكر، وتكمل له ملك المغرب من طرابلس إلى السوس الأقصى وأكثر مملكة الأندلس، ولو قصد مصر لاخذها، ولما صعبت عليه.
وقيل: إنه مر بقريته ليصل بها ذوي رحمه، ويزور قبر أمه، فلما أطل عليها وجيوشه قد ملأت الفضاء، والرايات والبنود على رأسه، وضرب نحو من مئتي طبل، وطبولهم كبار جدا تزعج الأرض، فقالت عجوز منهم: