وبكل أرض لي من أجلك لوعة * ولكل فبر وقفه وتلوم فإذا دعوت سواك حاد عن اسمه * ودعاه باسمك معول بك مغرم حكم الردى ومناهج قد سنها * لأولي النهي والحزن قبل متمم دراسته:
نشأ أبو الوليد في بيئة علمية بين أحضان والدته الفقيهة بنت أبي بكر محمد بن موهوب القبري. وخاله علم من شيوخ عصره، فشب وهمته في طلب العلم، يتنقل بين مدن الأندلس للاخذ عمن بقي من الشيوخ بعد الفتنة التي أتت على كثير من كبار علمائها في أوائل القرن الخامس الهجري. شأنه في ذلك شان شباب الأندلس في هذه الفترة المضطربة من تاريخ الأمة الاسلامية في هذا البلد. ونبغ في الأدب قبل رحلته إلى المشرق ولما حصل على ما يكفيه من علوم اللغة العربية والآداب وفنونه، مال إلى علوم القران والتفسير والحديث والفقه والأصول، والكلام.
وبما أنه استفاد من التردد على كبار الشيوخ بالأندلس وعلم ما للترحل بين أمصار بلده من مزايا، أدرك أن عليه أن يغتنم الفرصة ويتجه إلى المشرق للمزيد من لقاء جلة الشيوخ والانتهال من ينابيع العلم في مراكزها أنذاك. فصمم العزم على الرحيل. وفي هذا الموفق الرهيب أنشد يقول:
ليس عندي شخص النوى بعظيم * فيه غم وفيه كشف غموم إن فيه اعتناقة لوداع * وانتظار اعتناقة لقدوم رحلته إلى المشرق (426 ه 339 ه) استوطن الأندلس جم غفير من الأسر العربية الواردة من الحجاز والشام، والعراق، وكانت لا تزال تربطهم بالحجاز روابط الدين وطلب العلم والحنين إلى