وفي ذلك يقول القاضي عياض: (ومما أنشدنا له ثقة أصحابه يرثي ابنه وأخاه) رعى الله قبرين استكانا ببلدة * هما أسكناها في السواد من القلب لئن غيبا عن ناظري وتبوءا * فؤادي لقد زاد التباعد في القرب يقر لعيني أن أزور رباهما * وألصق مكنون الترائب بالترب وأبكي وأبكي ساكنيها لعلني * سأنجد من صحب وأمطر من سحب فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى * ولا روحت ريح الصبا من أخي كرب ولا استعذبت عيناي بعد كما كرى * ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب أحن ويثني اليأس نفسي عن الأسى * كما اضطر محمول إلى المركب الصعب والده:
هو خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي الباحي (من تجار القيروان) لعلة ارتحل إليها للتجارة من بلده.
قمة زواج خلف:
كان متدينا محبا للعلم والعلماء، وأثناء تردده على بلده الأندلس من حين لاخر يجلس إلى الفقيه أبي بكر بن شماخ الذي تعجبه طريقته في التدريس، فكان رجاؤه في الله إن يرزقه ولدا عالما ناشرا للسنة النبوية الشريفة مثل هذا الفقيه المحبب لديه، وطالما حدثته نفسه بذلك، فباح بسره مرارا لهذا الفقيه، فكان يقول: ترى أرى لي ابنا مثلك، فلما ألح عليه، أرشده ابن شماخ قائلا: إن أردت ذلك فاسكن قرطبة والزم عالمها الكبير أبا بكر القبري، والتمس مصاهرته لعل الله يرزقك طفلا يحمل مشعل السنة المحمدية، ففكر خلف وشاور وخطط، واستقر بقرطبة مترددا على مجالس