منهج الباجي في التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح تمهيد:
اهتم المحدثون في زمن مبكر بسلسلة سند رواة الحديث تعريفا وتعديلا وتجريحا، حتى تبلور هذا الفن فنتج عن ذلك علمان: علم التعديل - اي توثيق الرواة - وعلم التجريح: اي: تضعيفهم. وظهرت المؤلفات المعنية بالرواة مع الزهري (124 ه / 741 م) وشعبة (160 ه / 776 م)، ومالك (179 ه 795 م) ويحيى بن سعيد القطان (198 ه / 814 م) ويحيى بن معين (158 ه 233 ه / 775 - 848 م)، علي بن المديني (161 - 234 ه 777 - 849 م) وخليفة بن خياط (240 - ه / 854 م)، والإمام أحمد بن حنبل (241 ه / 855 م) وعمرو بن علي الفلاس (249 ه / 863 م)، والبخاري (194 - 256 ه / 809 - 869 م) من أئمة الحديث الذين تناولت مؤلفاتهم رجال السند للتمييز بين الأحاديث الصحيحة وغيرها، فمنها ما كان عاما وأكثر استيعابا وأوسع نطاقا يستغرق زمنا أطول منذ نشاة هذا العلم إلى يومنا هذا، ويتنوع إلى أنواع لا تكاد تنحصر، فيدخل في ذلك كتب الطبقات، وتسير على منهج غير محدد بمعنى إن كل من ألف في الطبقات يوصله اجتهاده إلى طريقة لا تكاد تتفق مع طريقة غيره، فليست هناك قواعد مضبوطة، فأحيانا يضع الطبقات على عموم الرواة، وأحيانا يذكر بلدا ما ثم يفصله إلى طبقات كما هو الشأن عند ابن سعد (222 ه / 844 م)، وطبقات المحدثون بأصبهان لأبي الشيخ ابن حيان (367 ه / 977 م)، وتبع مؤلفي تراجم المحدثين غيرهم من مصنفي كتب