قال أبو الحسين مسلم بن الحاج في مقدمة الصحيح (وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الاخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر، إذ الاخبار في أمر الذين انما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب. فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة. ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار إن يستعملها أو يستعمل بعضها. وأقلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع إن الاخبار إن يستعملها أو رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع) فما قاله مسلم صورة مصغرة ومركزة وافية بما تشتمل عليه كلمتي: الجرح والتعديل من قائدة جليلة ينبني عليها اتقاء تحريم الحلال وتحليل الحرام واثم من أفتى بغير علم.
علم الجرح والتعديل:
(هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ) سئل عبد الرحمن ابن أبي حاتم، ما الجرح والتعديل؟ فقال: أظهر أحوال أهل العلم من كان منهم ثقة أو غير ثقة) قال أبو محمد: (فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شئ من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا من جهة النقل والرواية. وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والاتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة)