فمعنى التشديد هنا هو التعديل والتجريح، ولا يفهم منه تعديل الصحابة لأنهم كلهم عدول وبدون استثناء ولكنها الحيطة وعدم التساهل من جهة، وسنن طريق معبد من السلف للخلف، فهي أمر قرآني واجب بنص الكتاب لقوله تعالى:
(فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وسنة نبوية لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الحديث عني الا ما علمتم) وسنة الخلفاء الراشدين من بعده.
قال ابن البيع: (فالطبقة الأولى منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، وزيد بن ثابت، فإنهم قد جرحوا وعدلوا وبحثوا عن صحة الروايات وسقيمها) أبو بكر الصديق والجرح والتعديل:
من الطبيعي إن يكون أول من يحتاط في رواية الحديث - بعد الكتاب والسنة - أبو بكر الصديق لأنه أول خليقة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب قال: (جاءت الجدة أبي بكر - رضي الله عنه - تلتمس إن تورث فقال أبو بكر: ما أجد لك في كتاب الله شيئا وما علمت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئا حتى أسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر قام في الناس يسألهم، فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس. قال أبو بكر - رضي الله عنه - سمع ذلك معك أحد؟ فقام محمد بن مسلمة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس فانفذ ذلك لها أبو بكر - رضي الله عنه -) ولم يكن ذلك منه تجريحا أو ردا لحديث المغيرة بن شعبة، بل هو كما قال أبو الوليد الباجي:
1) (ليعلم إن الذي عند غيره مثل الذي عنده)