الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
وكان عمار أول من بنى مسجدا في الاسلام، وهو مسجد قبا. وقد آخى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بينه وبين حذيفة بن اليمان قال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة، فذكر فيهم عمارا وأمه سمية واستعمله عمر بن الخطاب على الكوفة وكتب إلى أهلها: (أما بعد فاني قد بعثت إليكم عمارا أميرا وعبد الله بن مسعود وزيرا ومعلما وهما من نجباء أصحاب محمد فاقتدوا بهما)، ولما عزله عمر قال له: (أساءك العزل قال: والله لقد سائتني الولاية وساءني العزل) ثم إنه بعد ذلك صحب عليا - عليه السلام - وشهد معه الجمل وصفين فأبلى فيهما، وذكر ابن سعد في (الطبقات: ج ٣ ص ٢٦٢) طبع بيروت أنه (قال علي - عليه السلام - حين قتل عمار، إن امرءا من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر وتدخل به عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد، رحم الله عمارا يوم أسلم، ورحم الله عمارا يوم قتل، ورحم الله عمارا يوم يبعث حيا، لقد رأيت عمارا وما يذكر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أربعة إلا كان رابعا، ولا خمسة إلا كان خامسا) وذكر ذلك أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمته ثم قال ابن سعد في الطبقات (وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله - (صلى الله عليه وآله وسلم) يشك أن عمارا قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا اثنين، فهنيئا لعمار بالجنة، ولقد قيل إن عمارا مع الحق والحق معه، يدور عمار مع الحق أينما دار، وقاتل عمار في النار).
وذكر ابن سعد أيضا (عن ابن عابس قال: قال عمار: أدفنوني في ثيابي فاني مخاصم، وعن عاصم بن ضمرة أن عليا صلى على عمار ولم يغسله، وقيل لعمرو ابن العاص قد كان رسول الله يحبك ويستعملك، قال قد كان والله يفعل، فلا أدري أحب أم تألف يتألفني، ولكني أشهد على رجلين توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يحبهما عبد الله بن مسعودوعمار بن ياسر. قالوا: فذاك والله قتيلكم يوم صفين قال: صدقتم والله لقد قتلناه، وعن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار أنها وصفت لهم عمارا فقالت: كان رجلا آدم طوالا، مضطربا، أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين، وكان لا يغير شيبه) قال ابن الجزري في أسد الغابة، وابن عبد البر في الاستيعاب، وغيرهما:
إن مناقب عمار بن ياسر المروية كثيرة يطول ذكرها.
هذه خلاصة ما ذكره أرباب المعاجم من أعاظم العامة، وأما ما ذكره أرباب المعاجم من الشيعة فيطول الكلام بذكر ما أوردوه فيها، وانظر منها ما ذكره السيد علي خان المدني في الدرجات الرفيعة (ص ٢٥٥ - ص ٢٨٣) طبع النجف الأشرف وما ذكره الكشي في رجاله (ص ٣١) طبع النجف الأشرف، وما ذكره الشيخ الطوسي في رجاله - في أصحاب علي (عليه السلام) حيث قال عنه إنه: رابع الأركان وفي أماليه: ص ٨٩ طبع إيران سنة ١٣١٣ ه. وغيرهم من أعاظم الطائفة المتقدمين والمتأخرين.
وعمار بن ياسر أحد الاثني عشر من المهاجرين والأنصار الذين أنكروا على أبي بكر توليه للخلافة بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كما ذكره الطبرسي في الاحتجاج (ص ٤٣) طبع إيران سنة ١٣٠٢ ه، وابن بابويه الصدوق في الخصال (ج ٢ ص ٢٢٨) طبع إيران سنة ١٣٧٧ ه، والبرقي في آخر كتاب رجاله بعنوان (أسماء المنكرين على أبي بكر) (ص ٦٣) طبع دانشكاه (طهران) سنة ١٣٨٣ ه والسيد علي خان المدني في الدرجات الرفيعة (ص ٣٩٤) طبع النجف الأشرف، وذكر أيضا في أكثر كتب الاحتجاج والتواريخ الشيعية. قال الطبرسي في الاحتجاج (... ثم قام عمار بن ياسر فقال يا معشر قريش، ويا معاشر المسلمين إن كنتم علمتم وإلا فاعلموا، إن أهل بيت نبيكم أولى به، وأحق بإرثه، وأقوم بأمور الدين وآمن على المؤمنين، وأحفظ لملته، وأنصح لامته، فمروا صاحبكم فليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم، ويضعف أمركم، ويظهر شتاتكم، وتعظم الفتنة بكم، وتختلفوا فيما بينكم، ويطمع فيه عدوكم، فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الامر منكم، وعلي أقرب منكم إلى نبيكم، وهو من بينهم وليكم، بعهد الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عند سد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أبوابكم التي كانت إلى المسجد كلها غير بابه، وإيثاره إياه بكريمته فاطمة دون سائر من خطبها إليه منكم، وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - (أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد الحكمة فليأتها من بابها) وإنكم جميعا مضطرون فيما أشكل عليكم من أمور دينكم إليه، وهو مستغن عن كل أحد منكم، إلى ماله من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه، فما بالكم تحيدون عنه وتبتزون عليا حقه، وتؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، بئس للظالمين بدلا، أعطوه ما جعله له الله، ولا تولوا عنه مدبرين، ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين).
وذكر ابن حجر في (تهذيب التهذيب: ج ٧ ص ٤٠٨). أن عمارا (روى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعن حذيفة بن اليمان، وروى عنه ابنه محمد، وابن ابنه سلمة بن محمد (على خلاف فيه)، وابن عباس، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن غنمة المزني، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأبو الطفيل، وأبو لاس الخزاعي، وعبد الله بن عتبة بن مسعود، وأبو وائل، وصلة بن زفر، وعبد الرحمن بن أبزي، وقيس بن عباد البصري، وهمام بن الحارث وأبو مريم الأسدي، ونعيم بن حنظلة، ومحمد بن علي بن أبي طالب، وناجية بن كعب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وآخرون).