الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٠٧
ما لا يصح فهو لا يصح، وهذا في غاية البيان، والحمد لله رب العالمين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
ثم نظرنا فيما احتجوا به من حديث حذيفة، فوجدناه ساقطا لا يصح سنده، أما من طريق شعبة فهو مرسل، ولا حجة في مرسل، وأما الطريق الأخرى فمن رواية الوليد بن جميع، وهو ساقط مطرح. وأيضا فإن الله تعالى يأبى إلا أن يفضح الكاذبين والكذب في هذا الخبر ظاهر متيقن، لان حذيفة مدني الدار هو وأبوه قبله حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار، ولم يكن له طريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤديه إلى قريش أصلا، لان طريق المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج إلى بدر خلفه لطريق قريش من مكة إلى بدر، فوضع كذب ذلك الحديث يقينا وبالله تعالى التوفيق. ثم لو صح، وهو لا يصح، لكان منسوخا بلا شك لما سنذكره إن شاء الله تعالى في خبر أبي جندل بعد هذا، وبالله تعالى نتأيد.
ثم نظرنا في الحديث الذي فيه: المسلمون عند شروطهم فوجدناه أيضا قد ثناه أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا محمد بن يحيى بن مفرج، ثنا محمد بن أيوب الصموت الرقي، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، ثنا عمرو بن علي، ثنا محمد ابن خالد، ثنا كثير بن عبد الله بن زيد بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم وبه إلى البزار، ثنا محمد بن المثنى، نا محمد بن الحارث، نا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس على شروطهم ما وافقوا الحق.
قال علي: وكل هذا لا يصح منه شئ، أما الطريق الأول ففيها كثير بن زيد، وهو هالك تركه أحمد ويحيى، والثاني عن الوليد بن رباح، وهو مجهول، والأخرى
(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722