ما لا يصح فهو لا يصح، وهذا في غاية البيان، والحمد لله رب العالمين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
ثم نظرنا فيما احتجوا به من حديث حذيفة، فوجدناه ساقطا لا يصح سنده، أما من طريق شعبة فهو مرسل، ولا حجة في مرسل، وأما الطريق الأخرى فمن رواية الوليد بن جميع، وهو ساقط مطرح. وأيضا فإن الله تعالى يأبى إلا أن يفضح الكاذبين والكذب في هذا الخبر ظاهر متيقن، لان حذيفة مدني الدار هو وأبوه قبله حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار، ولم يكن له طريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤديه إلى قريش أصلا، لان طريق المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج إلى بدر خلفه لطريق قريش من مكة إلى بدر، فوضع كذب ذلك الحديث يقينا وبالله تعالى التوفيق. ثم لو صح، وهو لا يصح، لكان منسوخا بلا شك لما سنذكره إن شاء الله تعالى في خبر أبي جندل بعد هذا، وبالله تعالى نتأيد.
ثم نظرنا في الحديث الذي فيه: المسلمون عند شروطهم فوجدناه أيضا قد ثناه أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا محمد بن يحيى بن مفرج، ثنا محمد بن أيوب الصموت الرقي، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، ثنا عمرو بن علي، ثنا محمد ابن خالد، ثنا كثير بن عبد الله بن زيد بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم وبه إلى البزار، ثنا محمد بن المثنى، نا محمد بن الحارث، نا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس على شروطهم ما وافقوا الحق.
قال علي: وكل هذا لا يصح منه شئ، أما الطريق الأول ففيها كثير بن زيد، وهو هالك تركه أحمد ويحيى، والثاني عن الوليد بن رباح، وهو مجهول، والأخرى