الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٠٦
الله تعالى: أنه خصم من أعطى به تعالى ثم غدر وإنما ذلك كله فيمن عاهد على حق واجب عهدا أمر الله تعالى به، نصا في القرآن، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم غدر، فهذا عظيم جدا، وكذلك من وعد بأداء دين واجب عليه، وأداء أمانة قبله، ثم أخلف فهي معصية نعوذ بالله تعالى منها، وليس كذلك من عاهد أو وعد على معصية أو بمعصية، كمن عاهد آخر على الزنى، أو على هذم الكعبة، أو على قتل مسلم، أو على ترك الصلاة، أو على ما ذكرنا قبل من إيجاب ما لم يجب، أو اسقاط ما يجب أو تحريم ما أحل الله تعالى: أو إحلال ما حرم الله تعالى، أو وعد بشئ من ذلك، فهذا كله هو الحرام المفسوخ المردود، وبالله تعالى التوفيق.
وهكذا القول فيما احتجوا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج فإنما هذا بلا شك في الشروط التي أمر الله تعالى أن يستحل بها الفروج، من الصداق المباح ملكه الواجب إعطاؤه، والنفقة والكسوة والاسكان والمعاشرة بالمعروف، وتدك المضارة أو التسريح بإحسان لا بما نهى الله تعالى عن أن يستحل به الفروج من الشروط المفسدة من تحليل حرام أو تحريم حلال، أو إسقاط واجب أو إيجاب ساقط.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا عبيد الله بن موسى، عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة أن تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإنما لها ما قدر لها.
وبه إلى البخاري، ثنا محمد بن عرعرة، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن التلقي، وأن يبتاع المهاجر للاعرابي، وأن تشترط المرأة طلاق أختها وذكر باقي الحديث فصح أن اشتراط المرأة في نكاحها طلاق غيرها ممن هي في عصمة الناكح لها، أو طلاق من يتزوجها بعد أن تزوجها باطل وحرام منهي عنه، وشرط مفسوخ فاسد لا يحل عقده ولا إمضاؤه، وصح أن كل نكاح عقد على ما لا يحل فإنه لا يحل، وهو مفسوخ أبدا ولو ولدت فيه عشرات من الأولاد، لأنه عقد بصحة ما لا صحة له، وعلى أنه لا يصح إلا بصحة
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722