الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦١٠
أن يشترط هذا الشرط، ولا أن يفي به إن شرطه، إذ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى الله تعالى به إلى رسوله، وبالله تعالى التوفيق.
والوجه الرابع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد من رد المسلمين إلى المشركين، إلا أحرارا إلى أهلهم وآبائهم وقومهم، والمخالفون في هذا لا يردون المسلمين الأحرار إلا عبيدا إلى الكفار الذين يعذبونهم أشد العذاب، ويأتون الفاحشة المحرمة في النساء وربما قتلوهم، فما ندري كيف يستسهل مثل هذا مسلم.
والوجه الخامس: أن أبا سعيد الجعفري حدثنا قال: نا محمد بن علي بن الأدفوي، نا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس، عن أحمد بن شعيب، عن سعيد بن عبد الرحمن، نا سفيان، عن الزهري - قال سفيان: وثبتني معمر بعد ذلك عن الزهري - عن عروة بن الزبير قال: إن المسور بن مخرمة ومروان أخبراه بخبر الحديبية - فذكر الحديث، وفي آخره خروج أبي بصير وهو عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني نوفل بن عبد مناف، إلى سيف البحر، وانفلات أبي جندل بن سهيل إليه - قال: فجعل لا يخرج رجل من قريش قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير لقريش تخرج إلى الشام إلا اعترضوا لهم فيقتلونهم ويأخذون أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يناشدونه بالله وبالرحم إلا أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم.
قال أبو محمد: فهذا أبو بصير وأبو جندل ومن معهما من المسلمين، قد سفكوا دماء قريش المعاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا أموالهم، ولم يحرم ذلك عليهم ولا كانوا بذلك عصاة، ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قادرا على منعهم من ذلك لو نهاهم، فلم يفعل، فصح يقينا أنه عهد منسوخ بخلاف ما يقوله المخالفون اليوم، وإنه إنما لزم من كان بالمدينة فقط دون من كان خارجا عنها.
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722