قال أبو محمد: وهم يقولون فيمن قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها.
إنها تطلق عليه، ويحتجون ب * (أوفوا بالعقود) * ويرون في رسول أتى من دار الحرب فأسلم أنه يرد إلى الكفار، ثم يقولون في رجل كان له شريك مسلم في دار فعرض عليه شريكه أن يأخذ الشقص بما يعطى فيه، أو يترك فيبيعه ممن يريده، فأباح له شريكه أن يبيع، وعقد معه وأشهد الناس طائعا على ترك شفعته، وأنه لا يقوم بها، فباع الشريك - قالوا: فذلك العهد وذلك العقد - ساقطان لا يلزمان وله الاخذ بالشفعة.
قال أبو محمد: أفيكون في عكس الحقائق أشنع من هذا؟ وهذا شرط قد جاء النص بإلزامه فأبطلوه، وهو حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجازوا شروطا منسوخة لا يحل عقدها الآن أصلا.
حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد ابن محمد، ثنا أحمد بن علي، نا مسلم، نا أبو الطاهر، نا ابن وهب، عن ابن جريج: أن أبا الزبير أخبره أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه وبه إلى مسلم، نا محمد بن عبد الله بن نمير، نا عبد الله بن إدريس، نا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم، ربعه أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك. فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
فهذا حديث قد صح سماع أبي الزبير من جابر، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الاخذ أو الترك للشريك إلا قبل بيع شريكه، ولم يجعل له بعد البيع حقا إلا إن كان الشريك لم يؤذنه قبل البيع. فعكس هؤلاء القوم الحقائق كما ترى، فيتركون احتجاجهم ب * (أوفوا بالعقود) * حيث شاؤوا فيبطلون العقود التي أمر الله تعالى بإمضائها ويحتجون ب * (أوفوا بالعقود) * حيث شاءوا فيمضون عقودا لا يحل لمسلم القرار على سماعها، فكيف إمضاؤها، مما قد جاء النص بإبطاله. ويبطلون