الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٦٣
ومالك والشافعي أزيد من عشرة آلاف مسألة لم يقل فيها أحد قبلهم بما قالوه، فكيف يسوغ هؤلاء الجهال للتابعين، ثم لمن بعدهم أن يقولوا قولا لم يقله أحد قبلهم، ويحرم ذلك على من بعدهم إلينا، ثم إلى يوم القيامة فهذا من قائله دعوى بلا برهان وتخرص في الدين، وخلاف الاجماع على جواز ذلك لمن ذكرنا، فالامر كما ذكرنا، فمن أراد الوقوف على ما ذكرنا فليضبط كل مسألة جاءت عن أحد من الصحابة، فهم أول هذه الأمة، ثم ليضرب بيده إلى كل مسألة خرجت عن تلك المسائل، فإن المفتي فيها قائل بقول لم يقله أحد قبله، إلا أن بيننا نحن وبين غيرنا فرقا، وهو أننا لا نقول في مسألة قولا أصلا إلا وقد قاله تعالى في القرآن أو رسوله عليه السلام فيما صح عنه، وكفى بذلك أنسا وحقا. وأما من خالفنا فإن أكثر كلامه فيما لم يسبق إليه، فمن رأيه، وكفى بهذا وحشة. والحمد لله رب العالمين كثيرا وصلى الله على محمد خاتم النبيين وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم قال أبو محمد: أما الصحابة رضي الله عنهم فهو كل من جالس النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمرا يعيه، ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم، واشتهر حتى ماتوا على ذلك، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه كهيت المخنث ومن جرى مجراه، فمن كان كما وصفنا أولا فهو صاحب، وكلهم عدل إمام فاضل رضي، فرض علينا توقيرهم وتعظيمهم، وأن نستغفر لهم ونحبهم، وتمرة يتصدق بها أحدهم أفضل من صدقة أحدنا بما يملك، وجلسة من الواحد منهم مع النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عبادة أحدنا دهره كله، وسواء كان من ذكرنا على عهده عليه السلام صغيرا أو بالغا، فقد كان النعمان بن بشير، وعبد الله بن الزبير، والحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم أجمعين من أبناء العشر فأقل إذ مات النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الحسين فكان حينئذ
(٦٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 668 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722