والوجه السادس: وهو القاطع لكل شغب، والحاسم لكل علقة: وهو صحة اليقين بأن ذلك العهد منسوخ ممنوع منه محرم عقده في الأبد، مما في سورة براءة من قول الله تعالى: * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) * وبقوله تعالى أيضا في سورة براءة: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) * وبقوله تعالى أيضا في سورة براءة: * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) * وبقوله تعالى أيضا في سورة براءة: * (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) * وسورة براءة آخر سورة أنزلت، كما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، نا أبو الوليد - هو الطيالسي، ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال: آخر آية أنزلت: * (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) * وآخر سورة نزلت براءة.
قال أبو محمد: وبها عهد النبي صلى الله عليه وسلم آخر عهده إلى الكفار، عام حجة أبي بكر الصديق بالناس، وبعد الحديبية التي كانت فيها قصة أبي جندل بثلاثة أعوام وشهر لان الحديبية كانت في ذي القعدة عام ست من الهجرة قبل خيبر، فلما كان ذو القعدة المقبل بعد الحديبية بعام كامل اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة، ثم كان فتح مكة في رمضان سنة ثمان من الهجرة بعد عمرة القضاء بعام غير شهرين، وحج تلك السنة عتاب بن أسيد بالمسلمين ثم حج أبو بكر في ذي الحجة سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام وشهرين، كما ثنا حمام، ثنا الأصيلي، ثنا المروزي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا سعيد بن عفير، نا الليث، نا عقيل عن ابن شهاب، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة. وذكر الحديث، وفيه: ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب وأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة: