ذلك، لأنه معصية، ولا فرق بين هذا وبين شرط وعاهد وعقد أن يضيع حدا، أو أن يبطل حقا أو أن يمنع مباحا، والمفرق بين ذلك مبطل متناقض متحكم في الدين بالباطل، فارتفع الاشكال في هذا الباب جملة والحمد لله رب العالمين.
وكذلك قول الله عز وجل: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) * فهذا غاية البيان في صحة قولنا، والحمد لله.
وباليقين ندري أن من حرم على نفسه أن يتزوج على امرأته، أو أن يتسرى عليها، أو ألا يرحلها، أو ألا يغيب عنها، فقد حرم ما أحل الله تعالى له:
وما أمره تعالى به إذ يقول: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * وقال تعالى: * (أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) * وقال عز وجل * (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * وقال تعالى * (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) * وقال تعالى: * (هو الذي يسيركم في البر والبحر) * وكذلك من عاهد على تأمين من لا يحل تأمينه. وعلى إبقاء مال في مالك من لا يحل له تملكه، وعلى اسقاط حد الله تعالى أو قود، فإنه قد عقد على معصية، وسمى الحلال حراما، والقرآن قد جاء بتكذيب من فعل ذلك وبنهيه عن ذلك، وهكذا ما لم يذكر ما ليس في القرآن أو السنة إمضاؤه.
ومن عجائب الدنيا: احتجاج من احتج بالخبر الذي فيه أوف بنذرك، وهو أو مخالف لهذا الخبر، لأنه ورد في معنيين. أحدهما: الوفاء بما نذره المرء في جاهليته وكفره وهم لا يقولون بإنفاذ ذلك. والثاني: أنه ورد في اعتكاف ليلة، وهم لا يقولون بذلك. فمن أعجب شأنا ممن يحتج بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس فيه منه شئ أصلا، وهو قد عصى ذلك الخبر في كل ما فيه، ونعوذ بالله من هذه الأحوال، فليس في عكس الحقائق أكثر من هذا، وأما نحن فنلزم من نذر في كفره طاعة الله عز وجل، ثم أسلم أن يفي بما نذر من ذلك، اتباعا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وكذلك من نذر اعتكاف ليلة فإنه يلزمه الوفاء به أيضا.
ومما قدمنا قبل من نذر الباطل وعقده: من شرط لامرأته إن نكح عليها