فيه مائة أو ثمانون أو أربعون شمراخا، وفي بر يمين من حلف ليجلدن غلامه كذا وكذا جلدة.
قال أبو محمد: والذين احتجوا بدعواهم في كلام الميت في أمر بقرة بني إسرائيل أن فلانا قتلني، يأبون ههنا من أن يبرأ الحالف إذا ضرب بضغث، ويكفي هذا من قبيح التناقض وفاحشة، ونحن وإن كنا نرى الجلد بالضغث للمريض فإنما نجيزه من غير هذه الآية، لكن من الحديث المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن يجلد المريض الذي زنى بعثكول فيه مائة شمراخ، ونرى البر يقع بما يقع عليه اسم جلد واسم ضرب.
ومن شريعة موسى وصهره عليهما السلام: * (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك وما أريد ان أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين. قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل) *.
قال أبو محمد: وبهذا يحتج من يبيح النكاح على إجار إلى أحد أجلين لم يوقت أحدهما بعينه، وهذا عندنا وعند خصومنا لا يجوز، لان الإجارة المجهولة الاجل فاسدة، لأنها أكل مال بالباطل، والنكاح على شئ فاسد، لان كل ما لا يصح إلا بصحة ما لا يصح فلا شك في أنه لا يصح، لا سيما وتلك الإجارة للمنكح لا حظ فيها للمنكحة، والصداق في ديننا إنما هو للمنكحة بنص قول الله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * ولا حظ فيها للأب ولا للولي.
ومن عجائب الدنيا ما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، ثنا وهب بن مسرة، ثنا ابن وضاح، ثنا سحنون، ثنا ابن القاسم قال: احتج مالك في جواز فعل الرجل بإنكاح ابنته البكر بغير رضاها بقول الله تعالى عن صهر موسى: * (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فأم أتممت عشرا فمن عندك) *.
قال علي: فأي عجب أعجب من احتجاجه بهذه الآية فيما لا يوجد في الآية أصلا، وفي الممكن أنها رضيت فلم يذكر، ثم يخالف الآية نفسها في أربعة مواضع:
أحدهما: إنكاح إحدى ابنتي بغير عينها. والثاني: إنكاحه بإجارة. الثالث: الإجارة إلى أحد أجلين أيهما أوفى فالنكاح ثابت. والرابع: إنكاح امرأة بخدمة أبيها.