الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٣٠
فيه مائة أو ثمانون أو أربعون شمراخا، وفي بر يمين من حلف ليجلدن غلامه كذا وكذا جلدة.
قال أبو محمد: والذين احتجوا بدعواهم في كلام الميت في أمر بقرة بني إسرائيل أن فلانا قتلني، يأبون ههنا من أن يبرأ الحالف إذا ضرب بضغث، ويكفي هذا من قبيح التناقض وفاحشة، ونحن وإن كنا نرى الجلد بالضغث للمريض فإنما نجيزه من غير هذه الآية، لكن من الحديث المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن يجلد المريض الذي زنى بعثكول فيه مائة شمراخ، ونرى البر يقع بما يقع عليه اسم جلد واسم ضرب.
ومن شريعة موسى وصهره عليهما السلام: * (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك وما أريد ان أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين. قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل) *.
قال أبو محمد: وبهذا يحتج من يبيح النكاح على إجار إلى أحد أجلين لم يوقت أحدهما بعينه، وهذا عندنا وعند خصومنا لا يجوز، لان الإجارة المجهولة الاجل فاسدة، لأنها أكل مال بالباطل، والنكاح على شئ فاسد، لان كل ما لا يصح إلا بصحة ما لا يصح فلا شك في أنه لا يصح، لا سيما وتلك الإجارة للمنكح لا حظ فيها للمنكحة، والصداق في ديننا إنما هو للمنكحة بنص قول الله تعالى: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) * ولا حظ فيها للأب ولا للولي.
ومن عجائب الدنيا ما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، ثنا وهب بن مسرة، ثنا ابن وضاح، ثنا سحنون، ثنا ابن القاسم قال: احتج مالك في جواز فعل الرجل بإنكاح ابنته البكر بغير رضاها بقول الله تعالى عن صهر موسى: * (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فأم أتممت عشرا فمن عندك) *.
قال علي: فأي عجب أعجب من احتجاجه بهذه الآية فيما لا يوجد في الآية أصلا، وفي الممكن أنها رضيت فلم يذكر، ثم يخالف الآية نفسها في أربعة مواضع:
أحدهما: إنكاح إحدى ابنتي بغير عينها. والثاني: إنكاحه بإجارة. الثالث: الإجارة إلى أحد أجلين أيهما أوفى فالنكاح ثابت. والرابع: إنكاح امرأة بخدمة أبيها.
(٧٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 725 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722