الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٤١
متنطعون: ماذا كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينبأ؟.
قال أبو محمد: فالجواب وبالله تعالى التوفيق: أن يقال لهم في نفس سؤالكم جوابكم وهو قولكم أن ينبأ وأن لم يكن نبيا، فلم يكن مكلفا شيئا من الشرائع التي لم يؤمر بها ومن الهذيان أن يكون مأمورا بما لم يؤمر به، فصح أنه لم يكن ألزم شيئا من الشريعة حاشا التوحيد اللازم لقومه من عهد إبراهيم عليه السلام لولده ونسله حتى غيره عمرو ابن لحي، وحاشا ما صانه الله تعالى عنه من الزنى، وكشف العورة والكذب والظلم، وسائر الفواحش والرذائل التي سبق في علم الله تعالى أنه سيحرمها عليه وعلى الناس، لا إله إلا هو.
وقد قال قوم: إن نوحا بعث إلى أهل الأرض كلهم.
قال أبو محمد: وهذا خطأ لأنه تكذيب لقوله صلى الله عليه وسلم: إن كل نبي حاشاه إنما بعث إلى قومه خاصة فصح أن نوحا عليه السلام كذلك ولا فرق وإنما غرق تعالى من غرق من غير قومه كما غرق الأطفال حينئذ وسائر الحيوان، ويفعل ربنا تعالى ما شاء لا معقب لحكمه، وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث وذكر صلى الله عليه وسلم جيشا يخسف بهم فقيل له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم المكره وغيره؟. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنهم وإن عمهم العذاب في الدنيا فكل أحد يبعث على نيته يوم القيامة أو كلاما هذا معناه، فليس في إهلاك الله تعالى من أهلك بالطوفان دليل على أن جميعهم بعث إليهم نوح، بل نص القرآن مثبت أن نوحا عليه السلام لم يبعث إلى غير قومه البتة بقو له تعالى:
* (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه) * فمن ادعى أن قومه كانوا جميع أهل الأرض فقد كذب وقفا ما ليس له به علم. وقد حرم ذلك بقوله: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * ولا في النص أيضا أن جميع أهل الأرض هلكوا بالطوفان لا في القرآن ولا في الحديث الصحيح والله أعلم، ولا علم لنا إلا ما علمنا، والكذب، والقول بغير علم يستسهله فاضل، نعوذ بالله من الخذلان.
فإن تعلق متعلق بما حدثناه، عن عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني، ثنا أبو إسحاق المستملي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا إسحاق بن نضر، ثنا محمد بن عبيد، ثنا أبو حيان
(٧٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722