متنطعون: ماذا كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينبأ؟.
قال أبو محمد: فالجواب وبالله تعالى التوفيق: أن يقال لهم في نفس سؤالكم جوابكم وهو قولكم أن ينبأ وأن لم يكن نبيا، فلم يكن مكلفا شيئا من الشرائع التي لم يؤمر بها ومن الهذيان أن يكون مأمورا بما لم يؤمر به، فصح أنه لم يكن ألزم شيئا من الشريعة حاشا التوحيد اللازم لقومه من عهد إبراهيم عليه السلام لولده ونسله حتى غيره عمرو ابن لحي، وحاشا ما صانه الله تعالى عنه من الزنى، وكشف العورة والكذب والظلم، وسائر الفواحش والرذائل التي سبق في علم الله تعالى أنه سيحرمها عليه وعلى الناس، لا إله إلا هو.
وقد قال قوم: إن نوحا بعث إلى أهل الأرض كلهم.
قال أبو محمد: وهذا خطأ لأنه تكذيب لقوله صلى الله عليه وسلم: إن كل نبي حاشاه إنما بعث إلى قومه خاصة فصح أن نوحا عليه السلام كذلك ولا فرق وإنما غرق تعالى من غرق من غير قومه كما غرق الأطفال حينئذ وسائر الحيوان، ويفعل ربنا تعالى ما شاء لا معقب لحكمه، وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث وذكر صلى الله عليه وسلم جيشا يخسف بهم فقيل له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم المكره وغيره؟. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنهم وإن عمهم العذاب في الدنيا فكل أحد يبعث على نيته يوم القيامة أو كلاما هذا معناه، فليس في إهلاك الله تعالى من أهلك بالطوفان دليل على أن جميعهم بعث إليهم نوح، بل نص القرآن مثبت أن نوحا عليه السلام لم يبعث إلى غير قومه البتة بقو له تعالى:
* (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه) * فمن ادعى أن قومه كانوا جميع أهل الأرض فقد كذب وقفا ما ليس له به علم. وقد حرم ذلك بقوله: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * ولا في النص أيضا أن جميع أهل الأرض هلكوا بالطوفان لا في القرآن ولا في الحديث الصحيح والله أعلم، ولا علم لنا إلا ما علمنا، والكذب، والقول بغير علم يستسهله فاضل، نعوذ بالله من الخذلان.
فإن تعلق متعلق بما حدثناه، عن عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني، ثنا أبو إسحاق المستملي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا إسحاق بن نضر، ثنا محمد بن عبيد، ثنا أبو حيان