حاصبا) ولا يحل في شريعتنا رجم المكذب بالنذر، وقد احتج قوم في رجم من فعل فعل لوط بهذه الآية.
قال أبو علي: ونسوا أن فاعل ذلك من قوم لوط كان كافر، وذلك منصوص في القرآن في الآية نفسها إذ أخبر تعالى أنهم كذبوا بالنذر، وأن صبيانهم ونساءهم رجموا معهم، ولم يكونوا ممن فعل ذلك الفعل، ونسوا أيضا قوله تعالى: * (ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم) * فكان يلزمهم إذا طردوا أصلهم الفاسد أن يسلموا عينهم كل من راود ذكرا عن نفسه، لان الله تعالى طمس أعين قوم لوط إذ راودوا ضيفه، كما رجمهم لما أتوا الذكور وكفروا، فمن فرق بين شئ من ذلك فقد تحكم في دين الله عز وجل بلا برهان ولا هدى من الله تعالى.
ومن شريعة يوسف عليه السلام: * (وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قدمن دبر فكذبت وهو من الصادقين) *.
قال أبو محمد: وهذا مما لا خلاف فيه أنه لا يجوز أن نحكم به الآن بين الناس تداعيهم الزنا.
ومنها: * (ولمن جاء به حمل بعير) *.
قال أبو محمد: فاحتج قوم بهذا في إثبات الجعل، وهذا لا يلزم، لان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أموالكم عليكم حرام مبطل للجعل، إلا أن يوجبه نص في شريعتنا أو تطيب به نفس الجاعل.
ومنها قوله تعالى: * (قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) *.
قال أبو محمد: وهذا لا خلاف بيننا وبين خصومنا في أنه لا يحكم به بيننا، وأنه لا يسترق السارق لأجل سرقته، وكان يلزمهم القول به لأنه ليس مجمعا على تركه، بل قد روينا عن زرارة بن أوفى القاضي أنه باع حرا في دين، وروينا أيضا عن الشافعي من طريق غريبة، وقد كان ذلك في صدر الاسلام ثم نسخ بقوله تعالى: * (فنظرة إلى ميسرة) *.
ومن شريعة أيوب عليه السلام: * (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) * فاحتج بهذا قوم في إباحة جلد الزاني والقاذف والشارب إذا كانوا مرضى، يعرجون