قال أبو محمد: وهذا لا خلاف بيننا في سقوط عقاب الطير وإن أفسدت علينا، ومنها قوله تعالى: * (وداود وسليمان إذ في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان) *.
قال أبو محمد: هذا مما اختلف فيه، فادعى قوم فيها دعاوى من أن سليمان عليه السلام كلف أصحاب الغنم جبر ما أفسدت من الزرع أو الكرم ليلا وهذا باطل لأنه ليس ذلك في الآية، ولا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر في بعض التفاسير التي لا تصح، وذلك من نحو ما ذكر فيها أن ملكين زنيا وقتلا النفس التي حرم الله تعالى وشربا الخمر. وقد نزه الله تعالى الملائكة عن ذلك، وأن الزهرة كانت زانية فمسخت كوكبا مضيئا يهتدى به في البر والبحر، حتى أدت هذه الروايات الفاسدة بعض أهل الالحاد إلى أن قال: لو كان هذا لما بقيت محصنة إلا زنت لتمسخ كوكبا، والتي ذكر فيها أن يوسف عليه السلام قعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من امرأته، وقد نزه الله تعالى أنبياءه عن ذلك، وهذا كثير جدا. وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جرح العجماء جبار، ولا ينسند حديث ناقة البراء أصلا وإنما هو منقطع من جميع جهاته.
ومن شريعة زكريا عليه السلام قوله تعالى: * (قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) * وهذا ساقط بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: لا صمت يوما إلى الليل وبالجملة فلم نؤمر بالصمت، ومن صمت عن غير الواجب من الكلام والمستحب من الذكر فقد أحسن.
ومنها قوله تعالى: * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * فاحتج بهذا قوم في الحكم بالقرعة، ثم جعلوا ذلك حكما في المستلحق من الأولاد، وفي المشكوك في طلاقها من النساء وفي غير ذلك، وهذا لا يلزم بل يبطل من وجهين:
أحدهما: أن هذا قياس والقياس باطل. والثاني: أنه غير مأمور به في شريعتنا.