الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٢٧
قال أبو محمد: وهذا لا خلاف بيننا في سقوط عقاب الطير وإن أفسدت علينا، ومنها قوله تعالى: * (وداود وسليمان إذ في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان) *.
قال أبو محمد: هذا مما اختلف فيه، فادعى قوم فيها دعاوى من أن سليمان عليه السلام كلف أصحاب الغنم جبر ما أفسدت من الزرع أو الكرم ليلا وهذا باطل لأنه ليس ذلك في الآية، ولا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر في بعض التفاسير التي لا تصح، وذلك من نحو ما ذكر فيها أن ملكين زنيا وقتلا النفس التي حرم الله تعالى وشربا الخمر. وقد نزه الله تعالى الملائكة عن ذلك، وأن الزهرة كانت زانية فمسخت كوكبا مضيئا يهتدى به في البر والبحر، حتى أدت هذه الروايات الفاسدة بعض أهل الالحاد إلى أن قال: لو كان هذا لما بقيت محصنة إلا زنت لتمسخ كوكبا، والتي ذكر فيها أن يوسف عليه السلام قعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من امرأته، وقد نزه الله تعالى أنبياءه عن ذلك، وهذا كثير جدا. وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جرح العجماء جبار، ولا ينسند حديث ناقة البراء أصلا وإنما هو منقطع من جميع جهاته.
ومن شريعة زكريا عليه السلام قوله تعالى: * (قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) * وهذا ساقط بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: لا صمت يوما إلى الليل وبالجملة فلم نؤمر بالصمت، ومن صمت عن غير الواجب من الكلام والمستحب من الذكر فقد أحسن.
ومنها قوله تعالى: * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * فاحتج بهذا قوم في الحكم بالقرعة، ثم جعلوا ذلك حكما في المستلحق من الأولاد، وفي المشكوك في طلاقها من النساء وفي غير ذلك، وهذا لا يلزم بل يبطل من وجهين:
أحدهما: أن هذا قياس والقياس باطل. والثاني: أنه غير مأمور به في شريعتنا.
(٧٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 732 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722