الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٢٦
وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه فقتله، ثم احتمله ليلا حتى أتى به في آخرين فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم، فأتوا موسى عليه السلام فقال: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) *، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام، فقالوا:
من قتلك؟ فقال: هذا، لابن أخيه، ثم مال ميتا فلم يعط ابن أخيه من ماله شيئا، ولم يورث قاتل بعده. وبه إلى ابن الجهم.
حدثنا محمد الفرج، وإبراهيم بن إسحاق الحربي قال محمد: واللفظ له: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: صاحب البقرة رجل من بني إسرائيل قتله رجل ثم ذكر معناه. وقال الحربي: نا حسين بن الأسود، نا عمرو بن محمد، نا أسباط، عن السدي نحوه. وروينا أيضا نحوه من طريق إسماعيل بن إسحاق، عن عبد الله ابن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
قال أبو محمد: وهذه مرسلات وموقوف لو أتت فيما أنزل علينا ما جاز الاحتجاج بها أصلا، فكيف فيما أنزل في غيرنا؟ وليس في القرآن نص بشئ مما ذكر في هذه الأخبار أكثر من أنهم تدارؤوا في نفس مقتولة منهم، فأمرهم عز وجل أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها: * (كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) * ولم يقل تعالى في القرآن إن الميت قال: فلان قتلني، ولا أنه صدق في ذلك، ولا أنه أقيد به، وكل من زاد على ما في القرآن شيئا بغير نص من الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أتى عظيمة. وحتى لو صح كل هذا لما كانت فيه حجة أصلا، لان ذلك كان يكون معجزة، وإحياء ميت، ومن عاد من الآخرة فلا شك في أنه لا يقول إلا الحق، وأما الاحياء فيما بيننا فالكذب غير مأمون عليهم، ودعوى الباطل وهم لا يصدقونه، في درهم يدعيه ولا في درهم يقر به لوارث، ويصدقونه في الدم الذي يوجب قتل عدوه عندهم، أو أخذ ماله في الدية.
ونحن الآن إن شاء الله تعالى نذكر كل ما في القرآن من شرائع النبيين عليهم السلام قبلنا، ونبين ما اتفق على تركه منها، وما اختلف في الاخذ منها، ثم نذكر إن شاء الله تعالى حجج الآخذين بها، والمانعين منها، وبالله تعالى التوفيق. فمن شرائع سليمان عليه السلام قول الله تعالى: * (وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين).
(٧٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722