تعالى: * (قد أجيبت دعوتكما) * وليس في القرآن دليل على تأمين وقع منهما ولا من أحدهما، فهل سمع بأغث من هذا الاحتجاج أو أسقط منه، أو أقل حيلة أو أبرد تمويها ممن يحتج بمثله في إبطال السنن الثابتة ثم قال له: من عجائب الدنيا أنك جعلت فعل موسى وهارون الذي لم يصح قط ناسخا لقول محمد صلى الله عليه وسلم الصحيح في التأمين، وهذا عكس الحقائق.
وقد كنا نعجب من قول شيخ من شيوخهم أدركناه مقدما في مشاورة القضاة له على جميع مفتيهم، فإن ذلك الشيخ قال في كتاب ألفه وقد رأيناه ووقفنا عليه وناولناه بيده، وهو مكتوب كله بخطه، وأقر لنا بتألفه وقرأه غيرنا عليه، فكان في بعض ما أورد فيه أن قال: روينا بأسانيد صحاح إلى التوراة أن السماء والأرض بكتا على عمر بن عبد العزيز أربعين سنة.
قال أبو محمد: هذا نص لفظه، فلا أعجب من الشيخ المذكور في أن يروي عن التوراة شيئا من أخبار عمر بن عبد العزيز وهذا إسماعيل يبطل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمن - يعني الامام فأمنوا وتأمينه عليه السلام وهو الامام بما لم يصح من ترك موسى للتأمين وترك هارون للدعاء.
واحتجوا أيضا في إباحة قتل المسلمين وسفك الدماء المحرمة بدعوى المريض أن فلانا قتله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أعطي قوم بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم فأباحوا ذلك بدعوى المريض.
واحتجوا بما ذكر بعض المفسرين من أن المقتول من بني إسرائيل لما ضرب ببعض البقرة حيي وقال: فلان قتلني.
قال أبو محمد: وهذا ليس في نص القرآن، وإنما فيه ذكر قتل النفس والتدارئ فيها، وذبح البقرة وضربه ببعضها، وكذلك يحيي الله الموتى فمن زاد على ما ذكرنا في تفسير هذه الآية، فقد كذب وادعى ما لا علم لديه، فكيف أن يستبيح بذلك دما حراما ويعطي مدعيا بدعواه، وقد حرم الله تعالى ذلك، فمن أعجب ممن يحتج بخرافات بني إسرائيل التي لم تأت في نص ولا في نقل كافة، ولا في خبر مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذه العظائم هذا مع أن تلك الخرافة ليس