أفطر في نيته دون عمل يفسد به الصوم؟ وفيمن نوى إبطال صلاته التي هو فيها بنيته دون عمل مضاد للصلاة، أو نوى تبردا في خلال وضوئه وليحدث حدثا ينقض الوضوء، وفعل كل ذلك عامدا ذاكرا لما هو فيه؟.
فالجواب وبالله تعالى التوفيق أن نقول له: كل من ذكرت لا عتق له ولا طلاق له ولا صوم له، ولا وضوء له، ولا صلاة له، ومثل هذا الايمان فإنه قول ونية فمن عدم النية ولفظ بالايمان فهو إيمان له، ومن عدم القول ونوى بالايمان فلا إيمان له، وإذا كان لا إيمان له فهو كافر، لأنه ليس إلا مؤمن أو كافر، وأما من أتم العمل الذي أمر به كما أمر به، من عمل ونية ثم نوى بعد انقضائه نقضه وإبطاله، لم يكن ذلك العمل منتقضا، لأنه قد كمل وتأدى كما أمر الله تعالى، وانقضى وقته فلا ينقضه نية مستأنفة. وكذلك لا تصلح العمل الفاسد نية غير مضامة له، إما متقدمة وإما متأخرة، وقد أقمنا البراهين على أن كل ما صح في وقت لم يبطل في ثان إلا بنص أو إجماع وما بطل في وقت لم يصح في ثان إلا بنص أو إجماع، وهذا القول فيمن طلق بنية وأعتق بنيته دون لفظ: إن الملك والنكاح قد صحا في أول فلا يبطلان في ثان إلا بنص، ولا نص ولا إجماع في بطلانهما بالنية دون الألفاظ الموضوعة لنقضهما، وبطل بما ذكرنا قول من أراد أن يحقق جواز العمل بنية متقدمة له غير متصلة به، لأنه لو جاز أن يكون بين النية والعمل دقيقة لجاز أن يكون بينهما مائة عام ولا فرق.
وقد قال المالكيون: إن في أول ليلة من شهر رمضان تجزئ النية لصيام باقيه، وهذا باطل، لأنه لو جاز ذلك لأجزت نية واحدة في أول رمضان يصومه المرء عن إحداث نية لكل رمضان يأتي، وهم لا يقولون ذلك، فإن قالوا: إنه يحول بين رمضان ورمضان شهور لا صيام فيها، قيل لهم: وكذلك يحول بين كل يومين من أيام رمضان ليل لا صيام فيه، ولكل يوم حكمه، وقد يمرض ويسافر فيفطر ولا يبطل لذلك صيام ما سلف. ومن قولهم: إن انتقاض صيام يوم من رمضان بطاعة أو بمعصية لا ينقض صيام ما سلف فيه، وهذا هدم لقولهم، فإن ادعوا في ذلك إجماعا أكذبهم سعيد بن المسيب عميد أهل المدينة، لأنه يقول: من أفطر في رمضان يوما عمدا فعليه قضاء الشهر كله، لأنه عنده كيوم واحد وكصلاة