المنحور أو المتصيد الذي لم يسم الله تعالى عليه عمدا أو نسيانا هو نفسه المسمى فسقا، كما سمى الله تعالى الخمر والميسر رجسا من عمل الشيطان، فبطل تمويههم، وكان الناس لذكر اسم الله تعالى على التذكية غير مذك، وغير المذكى لا يحل أكله، وكذلك من نسي أن يذكي ففك الرقبة، وكذلك من نسي النية في مدخل صلاته ومدخل صومه ومدفع زكاته، فهؤلاء كلهم غير مصل ولا صائم ولا مزك، إلا أن الزكاة ليست مرتبطة بوقت محدود الطرفين فهي تقضى أبدا. وقد جاء النص بوجوب قضاء الصلاة على الناسي، وأما الصيام فهو مرتبط بوقت محدود الطرفين، فلا سبيل إلى نقله إلا بنص آخر، وكذلك المذكي إنما هو عمل في شئ بعينه، لا يقدر على استرجاعه بعد موته، فلما لم يسم الله عليه بنسيان أو عمد فهو ميتة لا يحل أكله، والتسمية في اللغة لا تقع إلا على ما ذكرنا باللسان لا على ما استقر في القلب دون ذكر باللسان.
والعجب كل العجب ممن يرى على المفطر ناسيا القضاء ولا يعذره، وقد جاء النص بأنه صائم تام الصوم، ثم يرى أكل ما نسي ذكر اسم الله تعالى عليه من المذبوحات وغيرها، ويعذر ههنا بالنسيان حيث عم النص بالمنع منه، وهذا كما ترى، وبالله تعالى التوفيق.
وكذلك من افتتح العمل الذي أمر به بنية قصد إليه كما أمر، ثم نسي النية في درج ذلك العمل، وكان العمل متصلا غير منقطع، فهذا لا يبطل عمله بالنسيان للنص الذي ذكرنا، فبطل بكل ما ذكرنا ما ظنه الظان من أن قولنا: إن كون الفطر بنية الفطر عمدا في الصوم دون الاكل واقع أنه مخالف لقولنا: إن العتق والطلاق بالنية دون النطق غير واقعين، بل هو كله باب واحد، وذلك أن الامساك عما ينقض الصوم بغير نية، قصد بذلك إلى أداء الصوم فاسد باطل. وكذلك نية الصوم دون الامساك عما ينقض الصوم عمدا باطل فاسد. وكذلك العتق والطلاق دون نية لهما باطل، وكذلك النية لهما دون إظهارهما بما لا يكونان إلا به فاسدة باطل، ولاح أن الشك إنما وقع لمن وقع في هذا لاختلاف الأجوبة.
وبيان تحقيق رفع الاشكال في هذا الباب هو أن يسأل السائل فيقول:
ما تقولون فيمن طلق في نيته دون قول؟ وفيمن أعتق في نيته دون قول؟ وفيمن