على الناس لقوله تعالى: * ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * فلا يخرج عن هذا النص إلا ما أخرجه نص أو إجماع، فلهذا النص ولما أخبرنيه أبو العباس أحمد بن عمر العذري، أنا الحسين بن عبد الله الجرجاني، ثنا عبد الرزاق ابن أحمد بن عبد الحميد الشيرازي، أخبرتنا فاطمة بنت الحسن بن الريان المخزومي وراق القاضي أبي بكار بن قتيبة قالت: ثنا الربيع بن سليمان المؤذن، ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
ففي هذا الحديث نص التسوية بين العمل المقصود نسيانا بغير نية، وبين الخطأ الذي لم يقصد، فلهذا ولنصوص أخر لم يبطل الصوم بفطر نسيان، ولا بطلت الصلاة لعمل نسيان، وهكذا كل نسيان، إلا نسيانا استثناه من هذا النص نص آخر أو إجماع، كما صح من الاجماع المتيقن المقطوع به في الاحداث المذكورة أنها تنقض الطهارة على كل حال بالنسيان والعمد. وبالضرورة ندري أنه لم يزل الناس يحدثون في كل يوم من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم يوجب الوضوء من ذلك، فصح أنه إجماع منقول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك النوم لأنه لا يكون إلا بغلبة أبدا لا بقصد، ولو قصد المرء دهره كله أن ينام لم يقدر إلا أن يغلبه النوم، وأما سائر الاحداث التي لا إجماع فيها فإنها لا تنقض الطهارة عندنا إلا بالقصد والعمد لا بالنسيان، كاللمس للنساء وكمس الفرج.
وأما الذكاة فإن النص ورد بألا نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه، قال تعالى:
* (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) * وقال تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) * فلما كان ما ذكاه الناس للتسمية مما لم يذكر اسم الله عليه بلا شك كان مما نهينا عن أكله بالنص، وأما الاثم فساقط عن الناسي جملة.
وقد رام قوم أن يتوصلوا إلى إباحة ما نسي ذكر اسم الله عليه بقوله عز وجل في الآية المذكورة: * (وإنه لفسق) * وقالوا: الفسق لا يقع إلا على النسيان.
قال أبو محمد: وهذا تمويه ضعيف، لأننا لم نقل إن الله تعالى أوقع اسم الفسق على نسيان الناسي للتسمية، وإنما قلنا ما في نص الآية: إن ذلك الشئ المذبوح أو