حده الله تعالى فلا سبيل إلى نقله إلى وقت آخر أصلا إلا حيث جاء النص بنقله فقط، ومن تعدى ذلك فقد تعدى حدود الله تعالى، قال الله عز وجل: * (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) * نعوذ بالله من الظلم والظلم حرام.
وأما من نوى أن يفطر ولو بعد ساعة ولم ينو أنه مفطر في وقته ذلك فلا يكون بذلك مفطرا أصلا، فإن جازت تلك الساعة ولم يحدث فيها نية للفطر مجددة لم يضر صومه تلك شيئا وصومه تام. وهكذا من نوى أيزني ولم يزن أو أن يشرب ولم يشرب أو أن يتصدق ولم يتصدق، لا يكتب له ولا عليه ما لم يفعل من كل ذلك شيئا، وهو كله باب واحد ولا عمل إلا بنية مصحبة للدخول فيه يكون أول الدخول فيه بعد إحداثها.
والخطأ يكون على ضربين: أحدهما فعل لم يقصده الانسان أصلا، وذلك كرجل رمى غرضا فأصاب إنسانا لم يقصده، وكإنسان جر نفسه فاستجر ذبابا، فدخل حلقه وهو صائم، أو أراد حك فخذه فمس ذكره فهذا وجه، وهو الذي يسميه أهل الكلام التولد، لأنه تولد عن فعله ولم يقصد هو فعله. والوجه الثاني:
فعل قصد الانسان عمله إلا أنه لم ينو بذلك طاعة ولا معصية، ولا نوى بذلك ما حدث من فعله، ولا قصد إلى بعض ما أمر به، ولا إلى خلاف ما أمر به كإنسان لطم آخر فوافق منية الملطوم، أو كإنسان صائم عمد الاكل وهو غير ذاكر لصومه، ولا قاصد إفساد صومه، أو نسي أنه في صلاة فقصد إلى الاكل أو إلى الكلام أو إلى المشي غير عامد لافساد صلاته، أو نسي أنه على طهارة فقصد إلى مس ذكره غير قاصد بذلك إلى نقض وضوئه، أو سقاه إنسان بحضرة عدول من إناء أخبره أن فيه نبيذا غير مسكر، فلما جرع منه قاصدا إلى شربه علم أنه خمر، فأزاله عن فيه بعد أن شرب منه، أو وطئ امرأة لقيها في فراشه عامدا لوطئها وهو يظنها امرأته فإذا بها أجنبية أدخلت عليه، أو قرأ آية قاصدا إلى الألفاظ التي قرأ يظنها من القرآن وهي بخلاف ذلك في القرآن، أو قتل صيدا عامدا لقتله غير ذاكر لاحرامه وهو محرم. فهذا وجه ثان وكلاهما مرفوع لا ينقض شئ من ذلك عملا ولا إيمانا، ولا يوجب إثما ولا حكما إلا حيث جاء النص بأنه يوجب حكما مما ذكرنا، فيوقف عنده ويكون مستثنى من الجملة التي ذكرنا منها طرفا، كالنص