الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٢٠
إياها وافترضها عليه، كالصلوات الخمس وسائر صيامه في رمضان، فقد تعين في ذلك فرضا على الولي زائدا، كلفه في نفسه، هو مأجور على أدائه، لأنه أدى فرضا كلفه. والله تعالى متفضل على الميت والمحجوج عنه بأجر آخر زائد، وخزائن الله لا تنفد، وفضله تعالى لا ينقطع، فبطل ظن من جهل ولم يفهم، وقدر أن بين الآية التي ذكرنا، والأحاديث التي وصفنا (تعارضا) وقد تناقضوا فأجازوا أن يؤدي المرء الدين عن غيره، وجعلوا له أجرا بذلك. وللميت المؤدى عنه حطيطة الدين الذي عليه، وهكذا قلنا نحن في سائر ما أمرنا بأدائه من الصوم والحج والصلاة المنذورة ولا فرق،، وأوجبوا غرم بني عم المرء الدية عن القاتل خطأ فنقضوا قولهم، فإن قالوا: الاجماع أوجب ذلك كذبوا، لان عثمان البتي لا يرى ذلك، يعني غرم العاقلة الدية عن قاتل الخطأ.
قال أبو محمد رحمه الله: واحتج مخالفنا أيضا في ذلك بقوله تعالى: * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) *.
قال أبو محمد: وقد بينا فيما خلا أن يضاف كل ما قاله صلى الله عليه وسلم إلى ما قال ربه تعالى. فصح أنه تعالى قد يتفضل على المرء بأن يلحقه دعاء ولده بعد موته وليس بما سعى، وأنه تلحقه صدقة وليه عنه وليس مما سعى، وكذلك سائر ما نص عليه السلام على أنه يلحقه، وقال تعالى: * (وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون ئ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * وقال تعالى:
* (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) *.
وأخبر عليه السلام أن من سن في الاسلام سنة حسنة كان له أجر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن سنة سيئة كان له مثل وزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا.
قال أبو محمد: وكل هذا متفق لا تعارض فيه أصلا، لان معنى قوله تعالى: * (وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ) * أي أنهم لا يسقطون عنهم بتقليدهم إياهم إثما، ولكن للعامل إثمه، وللسان مثل ذلك أيضا، وهذا بين، وبالله تعالى التوفيق. وكذلك ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألا يحنط الميت المحرم، ولا يمس طيبا، ولا يغطى وجهه ولا رأسه، وأن يكفن في ثوبه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا، وما
(٧٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722