الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا الحجاج بن المنهال، ثنا عبد الله بن عمر النميري، ثنا يونس بن يزيد الابلي، سمعت الزهري قال: هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب في الصدقة - وهي عند آل عمر بن الخطاب، قال الزهري: اقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر، حين أمر على المدينة، فأمر عماله بالعمل بها، وكتب بها إلى الوليد بن عبد الملك، فأمر الوليد عماله بالعمل بها، ثم لم يزل الخلفاء يأمرون بذلك، ثم أمر هشام بن محمد بن هانئ عامله فنسخها إلى كل عامل من عمال المسلمين، وأمرهم بالعمل بما فيها، ولا يتعدونه، وذكر باقي الحديث.
قال علي: فهذا عمل فاش كما ترى، وأصله صحيفة مرسلة غير مسندة كما ترى، ثم لم يفش العمل بها إلا بعد نحو ثمانين عاما من موت النبي صلى الله عليه وسلم وقد عمل عمال عثمان قبل ذلك بغير ذلك، وعمال علي رضوان الله عليه بما جاءت به الرواية عن علي، وعمال ابن الزبير بغير ذلك، وعمال أبي بكر الصديق بغير ذلك، وعند آل حزم صحيفة أخرى فما الذي جعل عمل الوليد الظالم ومن بعده - من لا يعتد به حاش عمر بن عبد العزيز وحده - أولى من عمل ابن الزبير وعمل علي، وعمل عثمان، وعمل أبي بكر الصديق، وهذا تنازع يوجب الرد إلى القرآن، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة، وليس ذلك إلا في حديث أنس عن أبي بكر وحده، فقد صح تركهم لعمل كل من له عمل يمكن أن يراعى أو يقتدى به، وصح ما قلنا من أنهم لا يدرون عمل من يعنون بقولهم: ليس عليه العمل. فإن قالوا عمل الأكثر، فقد أريناهم أنه لا أكثر من أهل عصر عمر وعثمان، ومن صلى معهم، ووافقهم على ما ترك هؤلاء من أعمال أولئك وأنهم قد تركوا عمل الأكثر.
وثبت بهذا ما ذكره بعض الرواة، ومن أنهم إنما يعنون عمل صاحب السوق في المدينة في عصر مالك، وهذا كما ترى، وقد جمع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ما اتفق عليه فقهاء المدينة السبعة خاصة، فلم يبلغ ذلك إلا أوراقا يسيرة، هذا وعبد الرحمن من هو في الضعف والسقوط، ألا يحتج بروايته، وما جعل الله أولئك أولى بالقبول منهم من نظرائهم من أهل الكوفة، الذين هم أفضل منهم في ظاهر الامر كعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، وشريح القاضي، وعمرو بن ميمون، ومسروق، وأبي عبد الرحمن
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258